صلاةً، قَالَ:"لا تُسمعه، فتهلكه -مرّتين، أو ثلاثًا- إنكم أمة أُريد بكم اليسر". وفي رواية له: قَالَ: "إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره ". وفي رواية له أيضاً: قَالَ: "إنكم لن تنالوا هَذَا الأمر بالمغالبة". وأخرجه حميد بن زنجويه، وزاد:"اكلفُوا منْ العمل ما تُطيقون، فإن الله لا يملّ حَتَّى تملّوا، الغُدوةُ، والروحةُ، وشيءٌ منْ الدُّلْجة". وأخرجه ابن مَردويه، وعنده: قَالَ: "إن الله إنما أراد بهذه الأمة اليسر، ولم يرد بها العسر". وفي "المسند" ٥/ ٣٥٠ - ٣٦١ أيضًا: عن بُريدة -رضي الله عنه- قَالَ: خرجت، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمشي، فلحِقته، فإذا نحن بين أيدينا برجل يُصلّي، يُكثر الركوع والسجود، فَقَالَ لي:"أتُراه يُرائي؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قَالَ: فترك يده منْ يدي، ثم جمع بين يديه، فجعل يُصوِّبهما، ويرفعهما، ويقول:"عليكم هدياً قاصداً، عليكم هدياً قاصداً، فإنه منْ يُشادّ هَذَا الدين يغلبه ". وفي "المسند" أيضاً ٥/ ٦٩: عن عاصم ابن هلال، عن غاضرة بن عروة الفُقَيميّ، عن أبيه -رضي الله عنه-، قَالَ: كنّا ننتظر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فخرج، فصلّى، فلَمَّا قضى الصلاة جعل النَّاس يسألونه: علينا حرجٌ فِي كذا؟ فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن دين الله فِي يسر"، قالها ثلاثًا. وفي المعنى أحاديث أُخر. انتهى كلام ابن رَجَب فِي "شرح البخاريّ" ١/ ١٤٩ - ١٥١.
(فَسَدِّدُوا) أي الزموا السَّدَاد، وهو الصواب، منْ غير إفراط، ولا تفريط، قَالَ أهل اللغة: السَّدَاد -بالفتح-. الصواب منْ القول والفعل، وأما السِّداد -بالكسر- فهو ما تُسدّ به القارورة، ونحوها، ومن سِدَاد الثَّغْر، واختلفوا فِي سِداد منْ عَيشٍ، وسِدَاد منْ عَوَزٍ لما يُرمق به العيش، وتُسدّ به الْخَلَّةُ، فَقَالَ ابن السِّكِّيت، والفارابيّ، وتبعه الجوهريّ بالفتح، والكسر، واقتصر الأكثرون عَلَى الكسر، منهم ابن قُتيبة، وثعلبٌ، والأزهريّ؛ لأنه مستعار منْ سِداد القارورة، فلا يُغيّر، وزاد جماعة، فقالوا: الفتح لحنٌ. وعن النضر بن شُميل: سِدادٌ منْ عَوَز: إذا لم يكن تامًا، ولا يجوز فتحه. ونقل فِي "البارع" عن الأصمعيّ: سِدَادٌ منْ عَوَزٍ بالكسر، ولا يُقال بالفتح، ومعناه: إن أعوز الأمر كلُّهُ ففي هَذَا ما يسُدّ بعض الأمر. أفاده فِي "المصباح".
ولشيخنا عبد الباسط المناسيّ النحويّ اللغويّ رحمه الله تعالى: