(٥٧) وقيل: بعد ذلك، تقدّمت ترجمته فِي ٣٢/ ٣٦. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير شيخه، فمروزيّ، وعيسى، فكوفيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ) رضي الله تعالى عنه، أنه (قَالَ:"نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ التَّرَجُّلِ) أي تسريح الشعر، وتنظيفه، وتحسينه، كذا فِي "النهاية"، وفي "القاموس": التسريح: حَلُّ الشعر، وإرساله، وهو إنما يكون بإصلاحها بالامتشاط، ولذلك يُفسّرون الترجيل بالامتشاط، ثم الغالب استعمال الترجيل فِي الرأس، والتسريح فِي اللحية. (إِلَّا غِبًّا) بكسر الغين المعجمة، وتشديد الباء الموحّدة-: أن يُفعل يومًا، ويُترك يومًا، والمراد كراهة المداومة عليه، وخُصوصيّة الفعل يومًا، والترك يومًا غير مراد. قاله السنديّ.
وَقَالَ فِي "عون المعبود": قَالَ فِي "النهاية": يقال: غَبَّ الرجلُ: إذا جاء زائرا بعد أيام. وَقَالَ الحسن: أي فِي كل أسبوع مرة. انتهى. وفسره الإمام أحمد بأن يُسَرِّحه يوما، وَيَدَعَه يوما، وتبعه غيره. وقيل: المراد به فِي وقت دون وقت، وأصل الغِبِّ فِي إيراد الإبل، أن ترد الماءّ يوما، وتدعه يوما. وفي "القاموس": الغِبُّ فِي الزيارة أن تكون كل أسبوع، ومن الْحُمَّى ما تأخذ يوما، وتدع يوما. وَقَالَ العلقمي: قَالَ عبد الغافر الفارسي فِي "مجمع الغرائب": أراد الامتشاط، وتعهد الشعر، وتربيته، كأنه كره المداومة. وَقَالَ ابن رسلان: ترجيل الشعر مشطه، وتسريحه.
وَقَالَ المناوي فِي "فيض القدير": نهى عن الترجل: أي التمشط: أي تسريح الشعر، فيكره؛ لأنه منْ زي العجم، وأهل الدنيا. وقوله: "إلا غبا": أي يوما بعد يوم، فلا يكره، بل يسن، فالمراد النهي عن المواظبة عليه، والاهتمام به؛ لأنه مبالغة فِي التزيين، وأما خبر النسائيّ، عن أبي قتادة -رضي الله عنه-: "أنه كانت له جُمّة، فأمره أن يُحسن إليها، وأن يترجل كل يوم"، فيُحمل عَلَى أنه كَانَ محتاجا لذلك؛ لغزارة شعره، أو هو لبيان الجواز. انتهى. والحديث الذي أشار إليه، سيأتي للمصنّف ٦٠/ ٥٢٣٨ بلفظ: "عن أبي قتادة أنه كانت له جمة ضخمة، فسأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأمره أن يحسن إليها، وأن يترجل كل يوم. ورجال إسناده كلهم رجال الصحيح، لكنه معلول، وسيأتي الكلام عليه