أصحاب ذلك الصحابيّ، وَقَدْ سبق آنفاً منْ رواية أبي داود أنه صحابيّ أيضًا (فَإِذَا) هي الفجائية (هُوَ شَعِثُ الرَّأْسِ) بفتح، فكسر: أي متفرّق الشعر، يعني أنه غير مترجّل الرأس، ولا مسرّح اللحية (مُشْعَانٌّ) بضمّ الميم، وسكون الشين المعجمة، وعين مهملة، وآخره نون مشدّدة، وهو المنتفش الشعر، الثائر الرأس، يقال: رجل مُشْعانّ، ومُشْعانّ الرأس، وشعرٌ مُشْعانٌّ، والميم زائدة. قاله فِي "النهاية" ٢/ ٤٨٢ (قَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُشْعَانًّا، وَأَنْتَ أَمِيرٌ؟) وفي رواية أحمد: "وأنت أمير البلد"، وفي رواية أبي داود:"وأنت أمير الأرض"(قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْهَانَا عَنِ الإِرْفَاهِ) ولأبي داود: "عن كثير منْ الإرفاه" بكسر الهمزة عَلَى المصدر: بمعنى التنعّم، أصله منْ الرفه، وهو أن ترد الإبل الماء، متى شاءت، ومنه أُخذت الرفاهية، وهي السعة والدعة، والتنعّم، كره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الإفراط فِي التنعّم منْ التدهين والترجيل عَلَى ما هو عادة الأعاجم، وأمر بالقصد فِي ذلك، وليس فِي معناه الطهارة، والنظافة؛ فإن النظافة منْ الدين. قَالَ الحافظ: القيد بالكثير إشارة إلى أن التوسّط المعتدل منْ الإرفاه لا يذمّ، وبذلك يُجمع بين الأخبار. انتهى. (قُلْنَا: وَمَا الإِرْفَاهُ؟ قَالَ: التَّرَجُّلُ) أي تسريح الشعر، وتنظيفه (كُلَّ يَوْمٍ) والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث رجل منْ أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٧/ ٥٠٦٠ و٦٢/ ٥٢٤١ - وفي "الكبرى" ١١/ ٩٣١٨ و٩٣١٩. وأخرجه (د) فِي "الترجّل" ٤١٦٠ (أحمد) فِي "باقي مسند الأنصار" ٢٣٤٤٩. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".