مخالطتي، وأن يعينوني، قَالَ: فقاموا معي، فلما بعت إبلي، أتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ:"ادنه"، فمسح عَلَى ناصيتي، ودعا لي ثلاث مرات، قَالَ الطبراني فِي "الأوسط": لم يروه عن نعيم بن حصين، إلا عبد الله بن معاوية، وهو نعيم بن فلان بن حصين، وجده هو حصين السدوسي. انتهى.
ويحتمل أن يكون هَذَا آخر؛ لاختلاف النسبتين، والمخرجين، والاختلاف فِي تسمية أبيه، فالله أعلم. انتهى ما فِي "الإصابة" ٢/ ٢٥٤. تفرّد به المصنّف بهذا الْحَدِيث فقط. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم موثّقون. (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
قَالَ (زِيَادُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ) الحصين بن أوس -رضي الله عنه-، أنه (قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَي النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) ولفظ "الكبرى": أنه قَدِمَ عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-" (بِالْمَدِينَةِ) متعلّق بحال محذوف: أي حال كونه مقيما بالمدينة. وقوله:(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) جواب "لَمّا"، والفاء زائدة فيه زائدة، وعلى رواية "الكبرى" الفاء عاطفة لـ"قَالَ" عَلَى "قدِم" (ادْنُ مِنِّي) فعل أمر منْ الدّنُوّ، وهو القرب (فَدَنَا مِنْهُ) أي قرب الحصين منْ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (فَوَضَعَ) -صلى الله عليه وسلم- (يَدَهُ عَلَى ذُؤَابَتِهِ) أي عَلَى شعر رأس الحصين المضفور (ثُمَّ أجْرَى يَدَهُ) أي مدّ -صلى الله عليه وسلم- يده الشريفة إلى نواحي رأسه؛ لتعم البركة جميعه (وَسَمَّتَ عَلَيْهِ) بتشديد الميم، منْ التسميت، وهو الدعاء بالخير، قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: التسميت ذكر الله تعالى عَلَى الشيء، وتسميت العاطس: الدعاء له، والشين المعجمة مثله. وَقَالَ فِي "التهذيب": سمّتهُ بالسين والشين: إذا دعا له. وَقَالَ أبو عُبيد: الشين المعجمة أعلى وأفشى. وَقَالَ ثعلبٌ: المهملة هي الأصل؛ أخذاً منْ السَّمْت، وهو القصد، والهديُ، والاستقامة، وكلُّ داع بخير، فهو مُسَمِّتٌ: أي داع بالْعَوْد، والبقاء إلى سمته، مأخوذ منْ ذلك. انتهى. فقوله:(وَدَعَا لَهُ) عطف تفسير لما قبله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث الحصين بن أوس -رضي الله عنه- هَذَا صحيح، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله