للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج مسلم فِي "صحيحه" منْ طريق عامر الشعبيّ، قَالَ: سألت علقمة، هل كَانَ ابن مسعود، شهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن؟ قَالَ: فَقَالَ علقمة: أنا سألت ابن مسعود، فقلت: هل شهد أحد منكم، مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ليلة الجن؟ قَالَ: لا، ولكنا كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ذات ليلة، ففقدناه، فالتمسناه فِي الأودية والشعاب، فقلنا: استطير، أو اغتيل، قَالَ: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا، إذا هو جاءٍ منْ قبل حراء، قَالَ: فقلنا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقدناك، فطلبناك، فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فَقَالَ: "أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن"، قَالَ: فانطلق بنا، فأرانا آثارهم، وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد؟ فَقَالَ: "لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه، يقع فِي أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علفٌ لدوابكم"، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم" (١).

(أَوْ عَظْمٍ) بالجرّ عطفًا عَلَى "رجيع"، ونُهي عنه؛ لأنه زاد الجنّ، والتنكير فيه للتعميم، فيشمل عظم الميتة، والمذكّى، هكذا قيل، وفيه نظر لما سبق فِي حديث مسلم: "لكم كُلُّ عظم ذُكِر اسمُ الله عليه" فإنه ظاهر فِي كونه مُذكًّى، فليُتَأَمل .. وجملة قوله: (فَإِنَّ مُحَمَّداً) -صلى الله عليه وسلم- (بَرِيءٌ مِنْهُ) خبر "منْ" فِي قوله: "منْ عَقَد لحيته"، إن كانت موصولةٌ، أو جوابها، إن كانت شرطيّةً. وهو وعيد شديد عَلَى فعل أيّ واحد مما ذُكر، نعوذ بالله تعالى منْ كلّ ما لا يُرضي الله عز وجل، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

وإنما قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "فإن محمداً -صلى الله عليه وسلم-" دون أن يقول: فأنا، أو فإني؛ لئلا يُتوهّم أن البراءة منْ الراوي المخبر، مع الإشارة إلى أن المسمّى بهذا الاسم المعظّم الذي حمده الأولون والآخرون بريء منه، فيكون دلالة عَلَى غاية ذمّه، وأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يتبرّأ إلا منْ مذموم. أفاده فِي "المنهل العذب المورود" ١/ ١٣٦ - ١٣٧. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث رويفع بن ثابت رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.


(١) وَقَالَ بعده: وحدثنيه عليّ بن حجر السعدي، حدثنا إسمعيل بن إبراهيم، عن داود بهذا الإسناد، إلى قوله: "وآثار نيرانهم"، قَالَ الشعبي: وسألوه الزاد، وكانوا منْ جن الجزيرة .. إلى آخر الْحَدِيث، منْ قول الشعبي، مفصلا منْ حديث عبد الله. وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن داود، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، إلى قوله: "وآثار نيرانهم"، ولم يذكر ما بعده.