للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"صحيحه" منْ حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "منْ قتل معاهدا، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد منْ مسيرة أربعين عاما"، وتقدّم للمصنّف رحمه الله تعالى فِي "القسامة" برقم ٤٧٥٢. وتقدّم عنده أيضًا ٤٧٥١ - بلفظ "سبعين عامًا". وورد فِي "مسند أحمد" منْ حديث أبي بكرة بلفظ: و"إن ريحها ليوجد منْ مسيرة مائة عام". وورد عنده أيضاً بلفظ: "وإن ريحها ليوجد منْ مسيرة خمسمائة عام". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم خضاب الشيب:

قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: ويحرم خضابه -يعني الشيب- بالسواد عَلَى الأصح، وقيل: يكره كراهة تنزيه، والمختار التحريم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: واجتنبوا السواد"، هَذَا مذهبنا، وَقَالَ القاضي: اختلف السلف، منْ الصحابة، والتابعين فِي الخضاب، وفي جنسه، فَقَالَ بعضهم: ترك الخضاب أفضل، ورووا فِي ذلك حديثًا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي النهي عن تغيير الشيب، ولأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يغيّر شيبه، ورُوي هَذَا عن عمر، وعليّ، وأُبيّ، وآخرين -رضي الله عنهم-. وَقَالَ آخرون: الخضاب أفضل، وخضب جماعة منْ الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم؛ للأحاديث التي ذكرها مسلم، وغيره، ثم اختلف هؤلاء، فكان أكثرهم يخضب بالصفرة، منهم ابن عمر، وأبو هريرة، وآخرون، ورُوي ذلك عن عليّ. وخضب جماعة منهم بالحناء والكتم، وبعضهم بالزعفران، وخضب جماعة بالسواد، رُوي ذلك عن عثمان، والحسن، والحسين ابني عليّ، وعقبة بن عامر، وابن سيرين، وأبي بُردة، وآخرين، قَالَ القاضي: قَالَ الطبريّ: الصواب أن الآثار المروية عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بتغيير الشيب، وبالنهي عنه كلّها صحيحة، وليس فيها تناقض، بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبي قُحافة، والنهي لمن له شمط فقط، قَالَ: واختلاف السلف فِي فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم فِي ذلك، مع أن الأمر، والنهي فِي ذلك ليس للوجوب بالإجماع، ولهذا لم يُنكر بعضهم عَلَى بعض خلافه فِي ذلك، قَالَ: ولا يجوز أن يقال: فيهما ناسخ ومنسوخٌ.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: دعوى الإجماع فِي عدم الوجوب غير صحيحة؛ لما سبق منْ أن القول بالوجوب منقول عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، فتنبّه. والله تعالى أعلم.

قَالَ القاضي: وَقَالَ غيره: هو عَلَى حالين: فمن كَانَ فِي موضع عادةُ أهلِهِ الصبغُ، أو تركه، فخروجه عن العادة شهرة، ومكروه.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله مما زل به القدم، وطغى فيه القلم، فهل إذا ترك أهل بلد سنّة منْ سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكون إحياء تلك السنة، والعمل بها