للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

راهويه، وكأنه رأى أن النهي إنما جاء فِي حقّ الرجال، وَقَدْ جوّز للمرأة منْ خضاب اليدين، والرجلين ما لم يُجوّز للرجل، والله تعالى أعلم. انتهى كلام ابن القيّم رحمه الله تعالى "تهذيب السنن" ١١/ ١٧٢ - ١٧٣ منْ هامش "عون المعبود".

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي وجّه به ابن القيم مذهب إسحاق رحمهما الله تعالى بأن المرأة تخالف الرجل فِي هَذَا الباب، حيث إن الشارع نهى الرجال منْ خضاب اليد والرجل، وأباحه للمرأة، فقصر النهي عن الخضاب بالسواد عَلَى الرجل فقط، دون المرأة وجه وجيه.

والحاصل أن الذي تدلّ عليه الأدلة الصحيحة الصريحة هو تحريمُ الخضاب بالسواد (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥٠٧٨ - (أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ").

رجال هَذَا الإسناد: خمسة:

١ - (ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأمويّ مولاهم المكّيّ، ثقة فاضل يدلّس [٦] ٢٨/ ٣٢.

٢ - (أبو الزبير) محمد بن مسلم بن تَدْرُس المكيّ، صدوقٌ يُدلّس [٤] ٣١/ ٣٥.

٣ - (جابر) بن عبد الله بن عمرو بن حرام رضي الله تعالى عنهما ٣١/ ٣٥. والباقيان تقدّما فِي الباب الماضي. والله تعالى أعلم.

لطائف هَذَا الإسناد:

(منها): أنه منْ خماسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمكيين منْ ابن جريج، والباقيان مصريان. (ومنها): أن فيه جابرًا -رضي الله عنه- منْ المكثرين السبعة، رَوَى (١٥٤٠) حديثًا. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ جَابِرٍ) بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: أُتِيَ) بالبناء للمفعول (بِأَبِي قُحَافَةَ) -بضم القاف، وتخفيف الحاء المهملة-: هو والد أبي بكر الصدّيق رضي الله تعالى


(١) وَقَدْ ألف بعض المعاضرين فِي ذلك، ومن أحسن ما أُلّفَ فيه رسالةُ "إتحاف الأمجاد باجتناب تغيير الشيب بالسواد" للشيخ فريح بن صالح الهلال، وقدم لها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وهي رسالة مفيدة كافية فِي الموضوع، ومنهم المحدث الكبير والعلامة النحرير الشيخ مقبل بن هادي اليمني رحمه الله قد ألف فِي ذلك رسالة مفيدة أيضًا، فعليك بمراجعتهما تستفد، والله تعالى الهادي الى سواء السبيل.