وَقَالَ الحافظ: الكتم الصرف يوجب سوادا مائلا إلى الحمرة، والحناء يوجب الحمرة، فاستعمالهما يوجب ما بين السواد والحمرة. انتهى. "عون المعبود" ١١/ ١٧٣ - ١٧٤.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: إن الخضب بالحناء، والكتم جائزٌ، مطلقًا، سواء كانا مخلوطين، أو استُعمل كلّ منهما منفرداً؛ لإطلاق النصّ، ولا يقال: يشمله النهي عن الخضاب بالسواد؛ لأن المراد به السواد البحت، فتأمّل. والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: وأما الصباغ بالحنّاء، والكتم، فلا ينبغي أن يُختلف فيه؛ لصحّة الأحاديث بذلك، غير أنه قد قَالَ بعض العلماء: إن الأمر فِي ذلك محمولٌ عَلَى حالين: [أحدهما]: عادة البلد، فمن كانت عادة موضعه ترك الصبغ، فخروجه عن المعتاد شُهرة، تَقبُحُ، وتُكره.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: كلام هَذَا البعض باطلٌ، فهل إذا ترك أهل بلدة، أو بعض النَّاس سنة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة، يسع أحداً أن يحتجّ بذلك، ويتركها؟، إن هَذَا لشيء عجاب، وأعجب منه سكوت القرطبيّ عليه مع جلالته، فإنا لله، وإنا إليه راجعون.
قَالَ:[وثانيهما]: اختلاف حال النَّاس فِي شيبهم، فربّ شيبة نقيّة، هي أجمل بيضاء منها مصبوغة، وبالعكس، فمن قبّحه الخضاب اجتنبه، ومن حسّنه استعمله. انتهى "المفهم" ٥/ ٤٢٠.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا التفصيل أيضًا فيه نظرٌ لا يخفى؛ لأن النصّ لم يفصّل هَذَا التفصيل، ويردّه أيضًا تعليل الشارع الأمر بمخالفة اليهود، والنصارى، فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إن اليهود، والنصارى، لا يصبغون، فخالفوهم"، فمخالفتهم تنافي التفصيل المذكور، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي ذرّ رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: