للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكتاب. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أن شيخه أحد مشايخ الجماعة بلا واسطة، وَقَدْ تقدّموا غير مرّة. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين غير شيخه فبغداديّ. (ومنها): أن فيه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، ومن المشهورين فِي الفتاوى. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) العدويّ رحمه الله تعالى، أنه (قَالَ: رَأَيْتُ) عبد الله (بْنَ عُمَرَ) ابن الخطّاب رضي الله تعالى عنهما (يُصَفِّرُ) بضم أوله، وتشديد الفاء، منْ التصفير، يقال: صفّره تصفيراً: إذا صبغه بالصفرة، أفاده فِي "القاموس": أي يصبغ (لِحْيَتَهُ بِالْخَلُوقِ) بفتح الخاء المعجمة، وضمّ اللام- قَالَ فِي "المصباح": الخلوق، مثلُ رسول: ما يُتخلّق به منْ الطيب، قَالَ بعض الفقهاء: هو مائع فيه صُفْرة، والْخِلاق، مثلُ كتاب بمعناه. انتهى. وَقَالَ ابن الأثير: الخلوق: طيب معروفٌ مركّبٌ، يُتّخذ منْ الزعفران، وغيره منْ أنواع الطيب، وتغلب عليه الحمرة والصفرة، وَقَدْ ورد تارةً بإباحته، وتارة بالنهي عنه، والنهي أكثر، وأثبت، وإنما نهُي عنه لأنه منْ طيب النِّساء، وهنّ أكثر استعمالا له منهم، والظاهر أن أحاديث النهي ناسخة. انتهى "النهاية" ٢/ ٧١.

وفي رواية أبي داود: "كَانَ يصبغ لحيته بالصفرة" (فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كنية ابن عمر (إِنَّكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ بِالْخَلُوقِ؟ قَالَ) ابن عمر (إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يُصَفِّرُ بِهَا لِحْيَتَهُ) فيه جواز الخضاب بالخلوق، وهو المراد بقوله فِي الترجمة "الخضاب بالصفرة".

قَالَ المنذريّ رحمه الله تعالى: واختلف النَّاس فِي ذلك، فَقَالَ بعضهم: أراد الخضاب للحيته بالصفرة، وَقَالَ آخرون: أراد كَانَ يصفّر ثيابه، ويلبس ثيابًا صفرًا. انتهى. قَالَ الشوكانيّ: ويؤيد الثاني تلك الزيادة التي أخرجها أبو داود، والنسائيّ. انتهى. والزيادة التي أشار إليها هي قوله: "وَقَدْ كَانَ يصبغ بها ثيابه كلّها حَتَّى عمامته"، وهذه الزيادة ليست فِي رواية الشيخين.

وَقَالَ فِي "فتح الودود": الظاهر أن المراد يصبغ بها الشعر، وأما الثياب، فذكر صبغها فيما بعدُ، ولعله كَانَ يصبغ بالورس، فقد جاء ذلك، وجاء أنه لبس مِلحفة ورسيّة. رواه ابن سعد. فلا ينافي نهي التزعفر، وجاء أن الملائكة لا تحضر جنازة المتضمّخ بالزعفران، لكن يُشكل عليه ما جاء أنه يصبغ بالورس والزعفران ثيابه، حَتَّى عمامته. وفي "المواهب": جاء ذلك منْ حديث زيد بن أسلم، وأمّ سلمة، وابن عمر. وأجيب لعله يصبغ بالزعفران بعض الثوب، والنهي عن استيعاب الثوب بالصبغ، كذا ذكره فِي "حاشية المواهب".