ليلاً، وَقَدْ تشقّقت يداي، فخلّقوني بزعفران، فسلّمت عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فلم يُرحّب بي، وَقَالَ: اذهب، فاغسل عنك هَذَا"، ذكره فِي "الفتح" ١١/ ٤٨٧ - ٤٨٨ "كتاب اللباس".
(وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ الصِّبْغِ أَحَبَّ إِلَيْهِ) أي إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (مِنْهَا) أي منْ الخلوق، وإنما أنثها لعله باعتبار أنها صفرة، كما تقدّم منْ رواية أبي داود (وَلَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا، حَتَّى عِمَامَتَهُ) بالنصب معطوف عَلَى "ثيابه".
وقوله:(قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَهَذَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ حَدِيثِ قُتَيْبَةَ) اختَلَفت النسخ فِي كلام المصنّف هَذَا، ففي بعضها هكذا، وفي بعضها بلفظ: "وهذا أولى بالصواب منْ الذي قبله"، وهو الذي فِي "الهنديّة"، وفي بعضها: "وهذا أولى بالصواب منْ حديث أبي قُتيبة"، بزيادة لفظة "أبي"، وهو الذي فِي "شرح السنديّ"، هَذَا كله فِي نسخ "المجتبى".
وأما فِي "الكبرى"، فقد أخرج أوّلاً رواية الدراورديّ التي أخرجها هنا، ثم قَالَ: خالفه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ورواه عن زيد بن أسلم، عن عُبيد بن جُريج، عن ابن عمر. ثم قَالَ: قَالَ أبو عبد الرحمن: وهذا أولى بالصواب منْ حديث قتيبة.
أخبرنا يحيى بن حكيم البصريّ، قَالَ: ثنا أبو قتيبة، قَالَ: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عُبيد هو ابن جريج، قَالَ: رأيت ابن عمر يُصفّر لحيته، فقلت له فِي ذلك؟ فَقَالَ: رأيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، يُصفّر بها. قَالَ أبو عبد الرحمن: وهذا أولى بالصواب منْ الذي قبله. انتهى. وهذه الرواية ستأتي فِي "المجتبى" فِي باب "تصفير اللحية" ٦٥/ ٥٢٤٥.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن ما فِي "الكبرى"، هو الصواب إلا قوله الأول: "وهذا أولى بالصواب منْ حديث قتيبة"، فلا وجه له.
وحاصله أن المصنّف يرى ترجيح رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار التي فيها ذكر عبيد بن جُريج فِي السند عَلَى رواية الدراورديّ التي ليس فيها ذكره، فقوله: "وهذا أولى بالصواب الخ"، يعني أن رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، بذكر عبيد بن جريج بين زيد بن أسلم، وبين ابن عمر هو الصواب، وأما رواية الدراورديّ بحذفه فخطأ، وإنما رجحها؛ لموافقتها لرواية الحفّاظ الذين رووا حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما منْ طريق عبيد بن جريج عنه، فقد رَوَى الْحَدِيث مالك عند الشيخين والمصنّف، ويزيد بن قُسيط عند مسلم، وعبيد الله بن عمر، وابن جريج عند المصنّف فِي "الطهارة" أربعتهم عن سعيد المقبريّ، عن عُبيد ابن جُريج، عن ابن عمر رضي الله