قَالَ: فهل وجدت فيه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ [الحشر: ٧] قالت: نعم، قَالَ: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نهى عن النامصة، والواشرة، والواصلة، والواشمة، إلا منْ داء، قالت: المرأة: فلعله فِي بعض نسائك، قَالَ لها: ادخلي، فدخلت، ثم خرجت، فقالت: ما رأيت بأسا، قَالَ: ما حفظت إذًا وصيةَ العبد الصالح: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}[هود: ٨٨]. انتهى.
وفي رواية الطبرانيّ: فَقَالَ عبد الله: ما حفظت وصيّة شعيب إذا": يعني الآية المذكورة.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: لا تنافي بين رواية المصنّف، وأحمد فِي كون المرأة سألت ابن مسعود -رضي الله عنه- عن حكم الوصل، وكونها قالت له: أُنبئت الخ؛ لإمكان الجمع بأنها أرادت أن تصل، ثم سمعت أن ابن مسعود ينهى عنه، فأتته، فاستفتته عن حكم وصلها، وعما بلغلها عنه منْ النهي، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه الشيخان مطوّلاً، ومختصرًا، وسياق الإمام مسلم رحمه الله تعالى فِي "صحيحه" أتمّ، ولفظه:
٢١٢٥ - حدثنا إسحق بن إبراهيم، وعثمان بن أبي شيبة، واللفظ لإسحق، أخبرنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قَالَ: لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والنامصات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله، قَالَ: فبلغ ذلك امرأة، منْ بني أسد، يقال لها: أم يعقوب، وكانت تقرأ القران، فأتته، فقالت: ما حديث بلغني عنك؛ أنك لعنت الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله، فَقَالَ عبد الله: وما لي لا ألعن، منْ لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟، وهو فِي كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف، فما وجدته، فَقَالَ: لئن كنت قرأتيه، لقد وجدتيه، قَالَ الله عز وجل:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، فقالت المرأة: فإني أرى شيئا منْ هَذَا عَلَى امرأتك الآن، قَالَ: اذهبي فانظري، قَالَ: فدخلت عَلَى امرأة عبد الله، فلم تر شيئا، فجاءت إليه، فقالت: ما رأيت شيئا، فَقَالَ: أما لو كَانَ ذلك لم نجامعها. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الظاهر أن أم يعقوب هذه المرأة المبهمة فِي رواية أحمد، والمصنّف، ولا بعد فِي هَذَا، كما مرّ توجيهه آنفاً. قَالَ الحافظ رحمه الله تعالى: أم يعقوب المذكورة فِي هَذَا الْحَدِيث لا يُعرف اسمها، وهي منْ بني أسد بن خزيمة، ولم أقف لها عَلَى ترجمة، ومراجعتها ابن مسعود -رضي الله عنه- تدلّ عَلَى أن لها إدراكًا.