عبد الله بن الأشجّ، فغير محفوظة؛ لمخالفتها لروايتهما، فيرجحان عليه؛ لكونهما اثنين، ولموافقة محمد بن عبد الله القرشيّ، وكذا الليث إن صحت روايته لهما فِي ذلك، كما سيأتي بيانه قريباً، إن شاء الله تعالى. والحديث صحيح، كما تقدّم البحث عنه قريباً. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٥١٣٣ - (أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "أَيَّتُكُنَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَلَا تَقْرَبَنَّ طِيبًا").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أحمد بن سعيد بن يعقوب" الكنديّ، أبو العبّاس الحمصيّ، صدوقٌ [١٠].
رَوَى عن بقيّة، وعثمان بن سعيد الحمصيّ. وعنه النسائيّ، وسعيد بن عمرو الْبَرْدَعيّ. قَالَ ابن أبي حاتم: كتب إليّ ببعض حديثه عَلَى يدي سعيد. وَقَالَ النسائيّ: لا بأس به. وذكره ابن حبّان فِي "الثقات"، وَقَالَ: حدّثنا عنه مكحول، وغيره. تفرّد به المصنّف بهذا الْحَدِيث فقط.
و"عثمان بن سعيد": هو القرشيّ مولاهم، أبو عمرو الحمصيّ، ثقة عابدٌ [٩]. و"الليث": هو ابن سعد الإمام الحجة المصريّ [٧].
وقوله: "أيّتكنّ": هي تأنيث "أيّ" الموصولة، مبتدأ، خبرها قوله: "فلا تقربَنّ طيبًا".
وتأنيث "أيّ" الموصولة لغة، قَالَ الفيّوميّ: وإذا كانت "أيّ" موصولة فالأحسن استعمالها بلفظ واحد، وبعضهم يقول: هو الأفصح، وتجوز المطابقة، نحو مررت بأيّهم قام، وبأيتهنّ قامت. انتهى.
ويحتمل أن تكون شرطيّةً، وجوابها "فلا تقربنّ"، و"أيّ" الموصولة تضاف إلى المعارف، بخلاف الشرطيّة، فتضاف إلى النكرات أيضاً، كما قَالَ ابن مالك فِي "الخلاصة":
وَلا تُضِفْ لِمُفْردٍ مُعَرَّفِ … "أيّاً" فَإِنْ كَرَّرْتَهَا فَأضِفِ
أَوْ تَنْوِ الاجْزَا واخْصُصَن بِالْمَعْرِفَه … مَوْصُولَةً أَيْضًا وَبِالْعَكْسِ الصِّفَهْ
وَإِنْ تَكُنْ شَرْطًا أَوِ اسْتِفْهَامَا … فَمُطْلَقَا كَمِّلْ بِهَا الْكَلامَا
وقوله: "فلا تقربنّ" بفتح الراء، منْ باب تعب، ولا يجوز ضمّ الراء هنا؛ لأن قرُب بالضم منْ باب كرُم لازم، ويتعدّى بـ"منْ"، نحو قرُبت منْ زيد، والأول متعدّ بنفسه،