بالأهل الرجال منْ أهل البيت، فالأمر واضحٌ. انتهى "شرح السنديّ" ٨/ ١٥٦.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الثاني بعيد، كما لا يخفى، فالأشبه ما ذكره أوّلاً، فيكون هَذَا منْ خصوصيات أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن ينبغي لغيرهنّ منْ نساء المؤمنات أن يقتدين بهنّ. والله تعالى أعلم.
(وَيَقُولُ:"إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ) بضم أوله، وكسر ثانيه، منْ أحبّ الرباعيّ، ويجوز فتح، أوله أيضاً، منْ حبّه ثلاثيًا، قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: أحببتُ الشيءَ بالألف، فهو مُحَبّ، واستحببته مثله، ويكون الاستحباب بمعنى الاستحسان، وحَبَبْتُهُ أحِبّه، منْ باب ضرب، والقياس أَحُبّه بالضم، لكنه غير مستعمل، وحبِبتْه أَحَبّه، منْ باب تعِبَ لغةٌ، وفيه لغة لهُذيل: حاببته حِبابًا، منْ باب قاتل. انتهى (حِلْيَةَ الْجَنَّةِ، وَحَرِيرَهَا، فَلَا تَلْبَسُوهَا فِي الدُّنْيَا) أي لا تلبسوا حلية الدنيا، وحريرها، حَتَّى تلبسوا حلية الجنة، وحريرها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، لم يُخرجه منْ أصحاب الأصول غيره، وأخرجه (أحمد) فِي "مسند الشاميين" ١٦٨٥٩ و (ابن حبّان) فِي "صحيحه" ١٤٦٣ و (الحاكم) فِي "المستدرك" ٤/ ١٩١. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان كراهية إظهار النِّساء الحلية، والذهب، عَلَى ما مال إليه هو فِي تأويل أحاديث الوعيد فِي لبس الذهب للنساء، وَقَدْ تقدّم بيان أقوال أهل العلم فِي ذلك، أول الباب .. ويحتمل أن يكون هَذَا الْحَدِيث خاصًّا بأهل بيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فإن لهنّ منْ المكانة عند الله تعالى ما ليس لغيرهنّ، فيخالفن سائر نساء المؤمنات، قَالَ الله تعالى مبيّنا رفعتهنّ، وتخصّصهن، وتميّزهنّ عن سائر نساء المؤمنات: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} [الأحزاب: ٣٠، ٣١].
قَالَ الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى فِي "تفسيره" ٣/ ٤٩٠: يقول الله تعالى واعظًا نساء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اللاتي اخترن الله، ورسوله، والدار الآخرة، واستقرّ أمرهنّ تحت رسول