للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى فِي كتابه الممتع "المحلّى":

[مسألة]: ولباس المرأة الحرير والذهب فِي الصلاة وغيرها حلال، قد اختلف فِي ذلك فلم يُجَوِّز ذلك قوم لهنّ، كما روينا منْ طريق أحمد بن شعيب، حدثنا أبو بكر بن عليّ المروزي، نا شريح بن يونس، نا هشيم، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، أن امراة سألت ابن عمر عن الحرير؟ فَقَالَ لها ابن عمر: "منْ لبسه فِي الدنيا لم يلبسه فِي الآخرة" (١). ومن طريق مسلم، نا ابن أبي شيبة، نا عبيد بن سعيد، عن شعبة، عن خليفة بن كعب أبي ذبيان، قَالَ: سمعت عبد الله بن الزبير يخطب يقول: "ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير، فإن منْ لبس الحرير فِي الدنيا لم يلبسه فِي الآخرة". ومن طريق عبد الرزاق، نا معمر، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، أن أبا هريرة كَانَ يقول لابنته: لا تلبسي الذهب، فإني أخاف عليك حر اللَّهب". ومن طريق وكيع، عن مبارك هو ابن فضالة، عن الحسن، أنه كره الذهب للنساء.

واحتج أهل هذه المقالة بخبر منْ طريق الحسن، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ -يعني النِّساء-: "أهلكهن الأحمران: الذهب والزعفران"، وهذا مرسل لا حجة فيه. وبخبر رويناه منْ طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رأى عَلَى عائشة قلابين منْ فضة، ملونين بذهب، فأمرها أن تلقيهما، وتجعل قلابين منْ فضة، وتصفرهما بالزعفران، وهذا مرسل، ولا حجة فِي مرسل. وبخبر رويناه منْ طريق شعبة وسميان، والمعتمر بن سليمان، وجرير كلهم عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حِرَاش عن امرأته، عن أخت حذيفة، قالت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ: "يا معشر النِّساء، أما لكن فِي الفضة ما تحلين، أما إنه ليس منْ امراة تلبس ذهبا تظهره، إلا عُذّبت به"، وهذا عن امرأة ربعي، وهي مجهولة.

وبخبر فيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، عن شهر بن حوشب، وهو مثله، أو أسقط منه (٢)، عن أسماء بنت يزيد بن السكن، قالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى عليّ سوارين منْ ذهب، وخواتم منْ ذهب، فَقَالَ لي عليه الصلاة والسلام: "أتحبين أن يُسوِّرك الله بسوارين منْ نار، وخواتم منْ نار؟ قالت: لا، قَالَ: "فانزعي هذين،


(١) أخرجه فِي "الكبرى" ٥/ ٤٦٧ برقم (٩٥٩٥).
(٢) قلت: ما قاله ابن حزم فِي شهر ليس كما قَالَ؛ لأن ليثًا متروك الْحَدِيث، وأما شهر فقد وثّقه ابن معين، وأحمد، وقَوَّى أمره البخاريّ، وَقَالَ أبو الحسن ابن القطّان الفاسيّ: لم أسمع لمضعّفه حجة. راجع ترجمته فِي "تهذيب التهذيب" ٢/ ١٨٢ - ١٨٣، فكيف يكون مثل هَذَا أسقط منْ ليث؟، فتبصّر. والله تعالى أعلم.