للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعض ما فيه.

ثم أورد الْحَدِيث الذي أخرجه المصنّف قبل هَذَا، منْ طريق عمرو بن الحارث، أن أبا عُشّانة حدثه، أنه سمع عقبة بن عامر يخبر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كَانَ يمنع أهله الحلية والحرير … " الْحَدِيث.

قَالَ: أبو عشانة غير مشهور بالنقل (١)، ثم لو صح لكان عاما للرجال والنساء، يخصه الخبر الذي فيه: "إن الذهب والحرير حرام عَلَى ذكور أمتي، حلال لإناثها".

ثم أورد حديث ثوبان -رضي الله عنه- فِي قصّة ابنة هبيرة الآتي للمصنف بعد حديثين، ثم قَالَ: قَالَ أبو محمد: أما ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسدم يدي بنت هبيرة، فليس فيه أنه عليه الصلاة والسلام إنما ضربها منْ أجل الخواتم، ولا فيه أيضًا أن تلك الخواتم كانت منْ ذهب، ومن زاد هذين المعنيين فِي الخبر، فقد كذب بلا شك، وقفا ما لا علم له به، وما لم يخبر به راوى الخبر، وهذا حرام بحت.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا فيه نظر، فقد ذكر فِي الرواية التالية بلفظ: "وفي يدها فتخ منْ ذهب"، فلا يصحّ إنكار كونه الخواتم منْ الذهب، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

قَالَ: وَقَدْ يمكن أن يكون عليه الصلاة والسلام ضرب يديها؛ لأنها أبرزت عن ذراعيها ما لا يحل لها إبرازه، أو لغير ذلك مما هو عليه الصلاة والسلام أعلم به.

وأما قوله: "أيَسُرُّك أن يقول النَّاس: ابنة رسول الله، وفي يدك سلسلة منْ نار"، فظاهر اللفظ الذي ليس يفهم منه سواه، أنه عليه الصلاة والسلام، إنما أنكر إمساكها إياها بيدها، ليس فِي لفظ الخبر نص بغير هَذَا، ولا دليل عليه، وليس فيه أنه عليه الصلاة والسلام نهاها عن لباسها، ولا عن تملكها، هَذَا لا شك فيه، وَقَدْ يمكن أنه عليه الصلاة والسلام علم أنها لم تزكها، وكانت مما تجب فيه الزكاة، كما قَالَ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}، والله أعلم لأي وجه أنكر كون السلسلة فِي يدها رضي الله عنها، إلا أنه ليس فيه البتة تحريم لباسها لها، بل فيه نصا أنه عليه الصلاة والسلام أباح لها ملكها، يقينا لا شك فيه؛ لأنه جوز بيعها للسلسلة، وجوز للمشتري


(١) هَذَا فيه نظر؛ بل هو مشهور، كما سبق فِي ترجمته، والحديث صحيح، وإنما الصواب هو التخصيص الذي ذكره بعدُ، فتنبّه.