للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لها منها شراءها، ولو كَانَ لباسها حراما، أو ملكها لم يجز للذي اشتراها شراؤها، وأما إمساكها باليد الذي فِي هَذَا الخبر إنكاره، فقد نسخ بيقين لا شك فيه؛ لإيجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الزكاة فِي الذهب، وإباحته عليه الصلاة والسلام بيع الذهب بالذهب مثلا بمثل وزنا بوزن، وإباحته عليه الصلاة والسلام بيع قلادة الذهب التي أُصيبت بخيبر، بعد أن أمر بنزع الخرز عنها، وبيع الذهب بالذهب مثلا بمثل، ولم يحرم بيع القلادة التي فيها الذهب، ولا ابتياعها، ولا أمر بكسرها، ولا خلاف فِي أن إيجاب الزكاة فِي الذهب، وإباحة بيعه بالذهب مثلا بمثل باق إلى يوم القيامة لم ينسخ.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام -إذ بلغه بيع فاطمة رضي الله عنها السلسلة الذهب، وابتياعها بثمنها غلاما، فأعتقته-: "الحمد لله الذي أنقذ فاطمة منْ النار"، فالذي لا شك فيه فهو أنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما رويناه فِي "صحيح مسلم".

منْ طريق سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: "منْ أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منْ النار، حَتَّى فرجه بفرجه"، فنحن عَلَى يقين منْ أن الله تعالى أنقذها منْ النار بعتقها للغلام، ومن ادعى أنه إنما أنقذها منْ النار ببيعها السلسلة، فقد قفا ما لا علم له به، وَقَالَ ما لا دليل له عليه، ولا برهان عنده بصحته، وما ليس فِي الخبر منه نص، ولا دليل إلا بالظن الذي هو أكذب الْحَدِيث.

وَقَدْ جاء فِي كراهة مس حلي الذهب أثر صحيح، كما روينا فِي "سنن أبي داود"، منْ طريق يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: قدمت عَلَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حلية منْ عند النجاشي، أهداها له، فيها خاتم منْ ذهب، فيه فَصّ حبشي، قالت: فأخذه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعود معرضا أو ببعض أصابعه، ثم دَعَى أمامة بنت أبي العاص، ابنة ابنته زينب، فَقَالَ تَحلَّي بهذا يا بنية".

فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قد كره مس خاتم الذهب، فلعله كرهه لفاطمة أيضًا، ومع ذلك حلاه أمامة بنت أبي العاص.

قَالَ ابن حزم رحمه الله تعالى: والحاكم عَلَى كل ذلك هو ما رويناه منْ طريق أحمد ابن شعيب -يعني النسائيّ- أنا عمرو بن عليّ، نا يحيى هو ابن سعيد القطّان، ويزيد هو ابن زريع، ومعتمر هو ابن سليمان التيمي، وبشر بن المفضل، قالوا كلهم: نا عبيد الله ابن عمر، عن نافع مولى ابن عمر، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعري،