فأمرت بالسلسلة فبيعت، فاشترت بثمنها عبدا، فأعتقته، فلما سمع بذلك النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كبر، وَقَالَ:"الحمد لله الذي نجى فاطمة منْ النار". انتهى.
والحاصل أن سياق الْحَدِيث صريح فِي أن سلسلة فاطمة رضي الله تعالى عنها إنما بعيت بعد قصّة بنت هُبيرة، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
(سِلْسِلَةً) بكسر المهملتين، ويجوز فتحهما، قَالَ فِي "القاموس": السلسلةُ -أي بالفتح-: إيصال الشيء بالشيء، والقطعة الطويلة منْ السَّنَام، ويُكسر، وبالكسر: دائرة منْ حديث ونحوه. انتهى. والمعنى الأخير هو المناسب هنا. والله تعالى أعلم. (فِي عُنُقِهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَقَالَتْ: هَذِهِ أَهْدَاهَا إِلَيَّ أَبُو حَسَنٍ) تريد زوجها عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم (فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالسِّلْسِلَةُ فِي يَدِهَا) جملة فِي محلّ نصب عَلَى الحال: أي دخل -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فاطمة بعد أن شكت إليها بنت هُبيرة ما صنعه -صلى الله عليه وسلم- بها بسبب الفتخ (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (يَا فَاطِمَةُ أَيَغُرُّكِ) بضم الغين المعجمة مضارع غرّه، يقال: غرّته الدنيا غُرُورًا، منْ باب قعد: خدعته بزينتها، فهي غَرور، مثلُ رَسول. قاله فِي "المصباح". وَقَالَ السنديّ: أيغرّك منْ الغُرُور: أي أيسرّك هَذَا القول، فتصيري بذلك مغرورة، فتقعي فِي هَذَا الأمر القبيح بسببه. والله تعالى أعلم. انتهى. (أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ، وَفِي يَدِهَا سِلْسِلَةٌ مِنْ نَارٍ"؟ ثُمَّ خَرَجَ) -صلى الله عليه وسلم- منْ بيت فاطمة رضي الله تعالى عنها (وَلَمْ يَقْعُدْ) فيه لإنكاره عليها (فَأَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ بِالسِّلْسِلَةِ إِلَى السُّوقِ فَبَاعَتْهَا، وَاشْتَرَتْ بِثَمَنِهَا غُلَامًا، وَقَالَ) الراوي، ولم يتبيّن لي منْ هو؟ (مَرَّةً عَبْدًا، وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا: فَأَعْتَقَتْهُ، فَحُدِّثَ بِذَلِكَ) ببناء الفعل للمفعول: أي أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بما فعلته فاطمة رضي الله تعالى عنها منْ بيع السلسلة، وشراء العبد بثمنها، وعتقها له (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْجَى فَاطِمَةَ مِنَ النَّارِ) قد تقدّم قبل حديثين ما قاله العلماء فِي تأويل هَذَا الْحَدِيث ونحوه، فلا تغفل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.
[تنبيه]: أعلّ بعض العلماء هَذَا الْحَدِيث بأن رواية يحيى بن أبي كثير هذه منقطعة؛ لأنه لم يسمع منْ زيد بن سلام، كما قاله ابن معين، لكن الصحيح أنه سمع منه، كما قاله أبو حاتم (١)، ويؤيّد هَذَا هَذَا تصريحه بالتحديث فِي رواية المصنّف هنا، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
والحديث منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا -٣٩/ ٥١٤٢ - وفي "الكبرى" ٤٩/ ٩٤٤٠. وأخرجه أحمد فِي "مسنده" رقم (٢١٣٦٤). والله تعالى أعلم.