لا يخفى، فإن الروايات كلها مضطربة، معلولة، عَلَى ما يأتي بيانه، إلا رواية قتادة، ومطر الورّاق، وبيهس بن فهدان، فإنها صحيحة، كما سيأتي بيان ذلك مفصّلاً، فكان الأولى أن يُنبّه عَلَى ذلك. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
وقوله:(خَالَفَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، رَوَاهُ عَنْ خَالِدٍ، عَنْ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) أشار به إلى أنه وقع اختلاف فِي هَذَا الْحَدِيث، وذلك أن عبد الوهّاب الثقفيّ خالف سفيان بن حبيب، فرواه عن خالد الحذّاء، عن ميمون القنّاد، عن أبي قلابة، فأدخل بين خالد، وأبي قلابة واسطةً، كما بيّن ذلك بقوله:
رَوَى عن سعيد بن المسيّب، وأبي قلابة الجرميّ. وعنه خالد الحذّاء، وسعيد بن أبي عروبة، وكهمس بن الحسن، وموسى بن سَعْد البصريّون. قَالَ صالح بن أحمد، عن أبيه: قد رَوَى هَذَا الْحَدِيث، ليس بمعروف. وَقَالَ البخاريّ: رَوَى عن سعيد، وأبي قلابة المراسيل، وَقَالَ بعضهم: مسلم، ولا يصحّ. وذكره ابن حبّان فِي "الثقات". تفرّد به المصنّف، وأبو داود بهذا الْحَدِيث فقط.
وقوله:"وعن ركوب المياثر" -بفتح الميم: جمع ميثرة بالكسر، مِفعلة منْ الْوَثَارة، يقال: وَثُرَ وَثَارَةً، فهو وَثِيرٌ: أي وَطِيْ لَيِّنٌ، وأصلها مِوْثَرةٌ، فقُلبت الواو ياءً؛ لكسرة الميم، وهي منْ مراكب العجم، تُعمْلُ منْ حرير، أو دِيباجٍ. قاله فِي "النهاية" ٥/ ١٥٠.