وأشار المصنّف رحمه الله تعالى بهذا إلى أن رواية قتادة الماضية عن أبي شيخ، عن معاوية -رضي الله عنه- بلا واسطة بينهما أولى بالصواب، منْ رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي شيخ، عن أبي حمان، أو ابن حمان، أو حمان، عن معاوية -رضي الله عنه-، بإدخال واسطة بينهما؛ وذلك لأن قتادة أحفظ منْ يحيى، فترجّح روايته، فتكون محفوظة صحيحة.
[فإن قلت]: كيف تصحّ روايته، وهو معروف بالتدليس، وَقَدْ عنعنه؟.
[قلت]: لم ينفرد به، بل تابعه عليه مطر الورّاق، كما سبق فِي ٥١٥٤ - وبيهس بن فهدان، كما فِي الرواية التالية.
والحاصل أن رواية قتادة، عن أبي شيخ، عن معاوية -رضي الله عنه- بلا واسطة هي الصحيحة، كما أشار إليه المصنّف رحمه الله تعالى فِي كلامه هَذَا، ولهذا أورد رواية بَيْهَسٍ بعده تقويةً لما ذكره. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٥١٦١ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَيْهَسُ بْنُ فَهْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شَيْخٍ الْهُنَائِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ؟ فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَالَ: وَنَهَى عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلاَّ مُقَطَّعًا؟ قَالُوا: نَعَمْ.
خَالَفَهُ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، رَوَاهُ عَنْ بَيْهَسٍ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "إسحاق بن إبراهيم": هو ابن راهويه. و"النضر بن شُميل": هو أبو الحسن النحويّ البصريّ، نزيل مرو، ثقة ثبت، منْ كبار [٩] ٤١/ ٤٥.
و"بيهس -بفتح أوله، ثم تحتانيّة ساكنة، وفتح الهاء، بعدها مهملة- ابن فهدان" -بفتح الفاء، وسكون الهاء- الأزديّ الْهُنائيّ، ثقة [٦].
رَوَى عن أبي شيخ، وروى عنه شعبة، ووكيعٌ، والنضر بن شُميل، وعليّ بن غُراب. قَالَ ابن معين ثقة. وذكره ابن حبّان فِي "الثقات". تفرّد به المصنّف بهذا الْحَدِيث فقط.
والحديث صحيح بهذا الإسناد، كما سبق بيانه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وقوله: (خَالَفَهُ عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، رَوَاهُ عَنْ بَيْهَسٍ، عَنْ أَبِي شَيْخٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ) أشار به إلى أن عليّ بن غراب خالف النضر بن شُميل، فجعل شيخ أبي شيخٍ ابنَ عمر رضي الله تعالى عنهما بدل معاوية -رضي الله عنه-، كما بيّنه بقوله:
٥١٦٢ - (أَخْبَرَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَيْهَسُ بْنُ