بحبسه، فرآه بعض أصحابه، فَقَالَ له: فيم حُبستَ؟ فَقَالَ: حربٌ كانت فِي الجاهليّة، حُبست بسببها فِي الإسلام. ذكره السنديّ فِي "شرحِه" ٨/ ١٦٤.
(فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أي فِي الأيام التي قبل الإسلام (فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ) بفتح، فكسر: أي منْ فضّة، قَالَ الخطّابيّ: الورِق مكسور الراء: الفضّة، وبفتح الراء: المال، منْ الإبل، والغنم. انتهى (فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ) بهمزة قطع، منْ الإنتان، وهو ضدّ الفَوْح، يقال: نَتُنَ الشيءُ بالضمّ نُتُونةً، ونَتانةً، فهو نَتين، مثلُ قرُبَ، ونَتَنَ نَتْنًا، منْ باب ضرب، ونَتِنَ يَنْتِنُ فهو نَتِنٌ، منْ باب تَعِبَ، وأنتن إنتانًا، فهو مُنتِن، وَقَدْ تُكسر الميم للإتباعِ، فيقال: مِنْتِنٌ، وضمُّ التاء إتباعاً للميم قليل. قاله فِي "المصباح"(فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ) وبهذا الْحَدِيث أباح أكثر العلماء اتخاذ الأنف منْ ذهب، وربط الأسنان به. قاله السنديّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عرفجَة بن أسعد -رضي الله عنه- صحيحٌ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٤١/ ٥١٦٣ و٥١٦٤ - وفي "الكبرى" ٥١/ ٩٤٦٣ و٩٤٦٤. وأخرجه (د) فِي "الخاتم" ٤٢٣٢ (ت) فِي "اللباس" ١٧٧٠.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز اتّخاذ منْ قُطع أنفه أنفًا منْ ذهب. (ومنها): ما قاله الخطّابيّ رحمه الله تعالى: فيه استباحة استعمال اليسير منْ الذهب للرجال، عند الضرورة، كربط الأسنان به، وما جرى مجراه، مما لا يجري غيره فيه مجراه. انتهى.
وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى فِي "المجموع" ٤/ ٣٢٧: يجوز لمن قُطع أنفه، أو سنّه، أو أنملته أن يتّخذ مكانها ذهباً، سواء أمكنه فضّةٌ، وغيرها، أم لا؟ وهذا متَّفقٌ عليه، ويجوز له شدّ السنّ، والأنملة، ونحوهما بخيط ذهب؛ لأنه أقلّ منْ الأنف المنصوص عليه. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.