رضي الله تعالى عنهم بالبصرة، مات سنة (٩٢) أو (٩٣). والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ أَنَس) بن مالك رضي الله تعالى عنه (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، اتَّخَذَ) معنى "اتّخذ": أمر بصياغته، فصيغ، فلبسه، أو وجده مصنوعًا، فاتّخذه قاله فِي "الفتح"(خَاتَمًا) سيأتي سبب اتخاذه قريبًا، إن شاء الله تعالى.
[تنبيه]: جزم أبو الفتح اليعمريّ أن اتخاذ الخاتم كَانَ فِي السنة السابعة، وجزم غيره بأنه كَانَ فِي السادسة، ويُجمع بأنه كَانَ فِي أواخر السادسة، وأوائل السابعة؛ لأنه إنما اتّخذه عند إرادته مكاتبة الملوك، كما سيأتي، وكان إرساله إلى الملوك فِي مُدّة الْهُدنة، وكان فِي ذي القعدة سنة ستّ، ورجع إلى المدينة فِي ذي الحجة، وَوَجّهَ الرسل فِي المحرّم منْ السابعة، وكان اتّخاذه الخاتم قبل إرساله الرسل إلى الملوك. والله تعالى أعلم. أفاده فِي "الفتح".
(مِنْ وَرِقٍ) بكسر الراء، وتسكن تخفيفا: أي فضة (فَصُّهُ) بفتح الفاء، وتكسر، وتشديد الصاد المهملة: قَالَ الفيّوميّ: فصّ الخاتم: ما يُركّب فيه منْ غيره، وجمعه فُصُوص، مثلُ فَلْس وفُلُوس، قَالَ الفارابيّ، وابن السّكّيت: وكسر الفاء رديء. انتهى. وذكر فِي "القاموس" أن فصّ الخاتم مثلثة، والكسر غير لحن، ووَهِمَ الجوهريّ، والجمع فُصُوص. انتهى. (حَبَشِيٍّ) هَذَا لا يُعارض ما سيأتي قريبًا منْ قول أنس -رضي الله عنه-: "كَانَ خاتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منْ فضّة، وكان فصّه منه"؛ لأنه إما أن يُحمل عَلَى تعدّد الواقعة، وحينئذ، فمعنى قوله:"حبشيّ": أي كَانَ حجرًا منْ بلاد الحبشة، أو عَلَى لون الحبشة، أو كَانَ جَزَعًا، أو عقيقًا؛ لأن ذلك قد يُؤتى به منْ بلاد الحبشة. ويحتمل أن يكون هو الذي فصّه منه، ونسبه إلى الحبشة؛ لصفة فيه، إما الصياغة، وإما النقش. أفاده فِي "الفتح" ١١/ ٥٠٨ - ٥٠٩.
(وَنُقِشَ فِيهِ) بالبناء للفاعل: أي أمر بالنقش فِي ذلك الخاتم، ويحتمل أن يكون بالبناء للمفعول. وقوله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) مفعول به عَلَى الأول، ونائب فاعل عَلَى الثاني، وهو محكيّ؛ لإرادة لفظه، وأصله جملة منْ مبتدإ وخبر. قَالَ فِي "الفتح": زاد ابن سعد منْ مرسل ابن سيرين: "بسم الله، محمد رسول الله"، ولم يُتابع عَلَى هذه الزيادة، وَقَدْ أورده منْ مرسل طاوس، والحسن البصريّ، وإبراهيم النخعيّ، وسالم بن أبي الجعد، وغيرهم، ليس فيه الزيادة، وكذا وقع فِي الباب منْ حديث ابن عمر، وأما ما أخرجه عبد الرزّاق، عن معمر، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل أنه أخرج لهم خاتماً، فزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يلبسه، فيها تمثال أسد، قَالَ معمر: فغسله بعض أصحابنا، فشربه،