رأيت ابن أبي رافع يتختم فِي يمينه، فسألته عن ذلك؟ فَقَالَ:"رأيت عبد الله بن جعفر، يتختم فِي يمينه، وَقَالَ عبد الله بن جعفر: كَانَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يتختم فِي يمينه"، أخرجه الترمذيّ، وَقَالَ: قَالَ محمد بن إسماعيل -يعني البخاريّ- هَذَا أصح شيء رُوي عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَذَا الباب، وأخرج النسائيّ، وابن ماجه المسند منه فقط. ومنها: حديث قتادة، عن أنس:"أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ يتختم فِي يمينه"، أخرجه الترمذيّ فِي "الشمائل"، وأخرجه النسائيّ فِي "سننه"، ورجال إسناده ثقات.
وأما حديث العَشاء فقد رُوي منْ حديث أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر، وعائشة، وغيرهم، منْ طرق ليس فِي شيء منها ذكر هذه الزيادة، وهي زيادة غريبة.
وفي كلام الدارقطنيّ ما يدلّ عَلَى غرابتها، فإنه جَوّز عَلَى مسلم، أن لا يكون بلغته، مع معرفة الدارقطنيّ بسعة رحلة مسلم، وكثرة ما حَصّل منْ السنن، وقوله:"صَنّفت هَذَا المسند الصحيح منْ ثلاثمائة ألف حديث مسموعة"، والله عز وجل أعلم. انتهى كلام المنذري رحمه الله تعالى "مختصر السنن" ٦/ ١١٧ - ١٢١.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما سبق أن الأرجح جواز التختّم فِي اليمين، واليسار، واليمين أفضل. قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: أجمع الفقهاء عَلَى جواز التختّم فِي اليمين واليسار، ولا كراهة فِي واحدة منهما، واختلفوا فِي أيتهما أفضل؟، فتختّم كثيرون منْ السلف فِي اليمين، وكثيرون فِي اليسار، واستحبّ مالك اليسار، وكره اليمين، وفي مذهبنا وجهان لأصحابنا، الصحيح أن اليمين أفضل؛ لأنه زينة، واليمين أشرف، وأحقّ بالزينة، والإكرام. انتهى "شرح مسلم" ١٤/ ٧٢ - ٧٣. وهو تحقيق نفيس جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا. و"حَبّان بن هلال" -بفتح الحاء المهملة، وتشديد التحتانيّة-: هو أبو حبيب البصريّ الثقة الثبت [٨]. و"ابن أبي رافع": هو عبيد الله بن أبي رافع، مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كاتبّ عليّ -رضي الله عنه- المدنيّ الثقة [٣]. "وعبد الله بن جعفر": هو ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما الهاشميّ، أحد الأجواد، وُلد بأرض الحبشة، ومات -رضي الله عنه- سنة (٨٠)، وهو ابن (٨٠)، وتقدّمت ترجمته فِي ٢٥/ ١٢٤٨.