للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

-رضي الله عنه-، قَالَ: "أنا صنعت للنبي -صلى الله عليه وسلم- خاتما، لم يَشْرَكني فيه أحد، نقش فيه محمد رسول الله"، فيُستفاد منه اسم الذي صاغ خاتم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ونقشه. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٥١٥.

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُوغَ عَلَيْهِ) أي يتخذ خاتمًا عَلَى صفته (فَلْيَفْعَلْ) أي فليتّخذه (وَلَا تَنْقُشُوا) بضم القاف، منْ باب قتل (عَلَى نَقْشِهِ) أي عَلَى مثل نقش خاتمه، وذلك لئلا تفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك فيه، قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: سبب النهي أنه -صلى الله عليه وسلم- إنما اتّخذ الخاتم، ونقش فيه ليختم به كتُبه إلى ملوك العجم، وغيرهم، فلو نقش غيرُهُ مثله لدخلت المفسدة، وحصل الخلل. انتهى "شرح مسلم" ١٤/ ٦٨. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أنس رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٥٠/ ٥٢٠٩ و٥٢١٠ وأخرجه (خ) فِي "اللباس" ٥٨٧٧ (م) فِي "اللباس" ٢٠٩٢. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): النهي عن نقشه بـ"محمد رسول الله"؛ لما سبق قريبًا. (ومنها): جواز النقش فِي الخاتم، وجواز نقش اسم صاحب الخاتم، وجواز نقش اسم الله تعالى، وبهذا قَالَ جمهور العلماء، وروي عن ابن سيرين، وبعضهم كراهة نقش اسم الله تعالى، قَالَ النوويّ: ضعيفٌ، قَالَ العلماء: وله أن ينقُش اسم نفسه، أو ينقش عليه كلمة حكمة، وأن ينفش ذلك مع ذكر الله تعالى. انتهى.

وَقَدْ أخرج بن أبي شيبة فِي "المصنّف" عن ابن عمر، أنه نقش عَلَى خاتمه "عبد الله ابن عمر"، وكذا أخرج عن سالم، عن عبد الله بن عمر، أنه نقش اسمه عَلَى خاتمه، وكذا القاسم بن محمد. قَالَ ابن بطال: وكان مالك يقول: منْ شأن الخلفاء، والقضاة، نقش أسمائهم فِي خواتمهم. وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة، وأبي عبيدة، أنه كَانَ نقش خاتم كل واحد منهما "الحمد لله"، وعن عليّ "الله الملك"، وعن إبراهيم النخعي "بالله"، وعن مسروق "بسم الله"، وعن أبي جعفر الباقر "العزة لله"، وعن الحسن والحسين: لا بأس بنقش ذكر الله عَلَى الخاتم.

وَقَدْ أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن سيرين أنه لم يكن يرى بأسا أن يكتب الرجل فِي خاتمه "حسبي الله"، ونحوها، فهذا يدلّ عَلَى أن الكراهة التي ذكرها النوويّ