رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه منْ أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه، فمكيّ، وسفيان، فكوفيّ، ثم مكيّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ أَبِي بُرْدَةَ) بن أبي موسى الأشعري، أنه (قَالَ: قَالَ عَلِيّ) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه (قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا عَلِيُّ سَلِ اللَّهَ الْهُدَى) أي الرشاد (وَالسَّدَادَ) بالفتح: هو الاستقامة، والقصد فِي الأمور، وفي الرواية الآتية فِي ١٢١/ ٥٣٦٨ منْ طريق عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب: قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قل: اللَّهمّ سدّدني، واهدني"، ولفظ مسلم: "قل: اللَّهم اهدني، وسدّدني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سَداد السهم".
قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: قوله: "واذكر بالهدى هداية الطريق": معناه أن سالك الطريق والفلاة إنما يؤمّ سَمْتَ الطريق، ولا يكاد يفارق الجادّة، ولا يَعدِل عنها يَمْنَةً ويَسْرَةً، خوفا منْ الضلال، وبذلك يُصيب الهداية، وينال السلامة.
يقول: إذا سألت الله الهدى، فأخطر بقلبك هداية الطريق، وسل الله الهدى والاستقامة، كما تتحرّاه فِي هداية الطريق إذا سلكتها.
وقوله: "واذكر بالسداد تسديد السهم": معناه أن الرامي إذا رمى غَرَضًا سدّد بالسهم نحو الغرض، ولم يعدل عنه يمينًا ولا شمالاً؛ ليُصيب الرميّةَ، فلا يطيش سهمه، ولا يُخفق سعيه.
يقول: فأخطر المعنى بقلبك، حين تسأل الله السداد؛ ليكون ما تنويه منْ ذلك عَلَى شاكلة ما تستعمله فِي الرمي. انتهى "معالم السنن" ٦/ ١١٦.
وَقَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: أما السداد هنا فبفتح السين، وسَداد السهم تقويمه، ومعنى سَدّدني: وفّقني، واجعلني منتصبًا فِي جميع أموري، مستقيمًا، وأصل السداد: الاستقامة، والقصد فِي الأمور، وأما الهدى فهو الرشاد، ويذكّر، ويؤنّث، ومعنى اذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم: أي تذكّر ذلك فِي حال دعائك بهذين اللفظين؛ لأن هادي الطريق لا يزيغ عنه، ومسدّد السهم يحرص عَلَى تقويمه، ولا يستقيم رميه حَتَّى يقوّمه، وكذا الداعي ينبغي أن يحرص عَلَى تسديد علمه، وتقويمه، ولزومه السنّة. وقيل: ليتذكر بهذا اللفظ السداد والهدى لئلا ينساه. انتهى "شرح مسلم" ١٦/ ٤٣ - ٤٤.
وَقَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: هَذَا الأمر منه -صلى الله عليه وسلم- يدلّ عَلَى أن الذي ينبغي له أن