للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُهتمّ بدعائه، فيستحضر معاني دعواته فِي قلبه، ويُبالغ فِي ذكرها بلفظه بضرب منْ الأمثال، وتأكيد الأقوال، فإذا قَالَ: اهدني الصراط المستقيم، وسدّدني سَداد السهم الصائب، كَانَ أبلغ، وأهمّ منْ قوله: اهدني، وسدّدني فقط، وهذا واضحٌ. انتهى "المفهم" ٧/ ٥٣ - ٥٤.

(وَنَهَانِي أَنْ أَجْعَلَ الْخَاتَمَ فِي هَذِهِ وَهَذِهِ، وَأَشَارَ يَعْنِي بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) العناية منْ بعض الرواة، يعني أنه ذكر قوله: "هذه، وهذه"، مشيرًا بالسبّابة، والوسطى.

[تنبيه]: هذه الرواية ظاهرة فِي كون النهي عن التختّم فِي الإصبعين، ووقع فِي رواية أبي الأحوص فِي "الكبرى"، و"صحيح مسلم" بـ"أو"، ولفظها: "نهاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أتختّم فِي إصبعي هذه، أو هذه، قَالَ: فأومأ إلى الوُسطى، والتي تليها"، ولا تنافي ما قبلها؛ لأن المراد نهيه عن التختّم فِي الإصبعين، سواء تختّم فيهما جميعاً، أو بانفراد. وأما رواية عبد الله ابن إدريس فِي "صحيح مسلم" بلفظ: "فِي هذه، أو هذه، لم يدر عاصم فِي أيّ الثنتين"، فمعناه أن عاصماً كَانَ أحياناً يتردّد، وأحيانّا يجزم، والجزم أكثر، فقد ثبت فِي رواية الثوريّ، وشعبة، وابن عيينة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عليّ رضي الله تعالى عنه هَذَا أخرجه مسلم.

[تنبيه]: هَذَا الْحَدِيث أخرجه المصنّف رحمه الله تعالى فِي "الكبرى" ٥/ ٤٥٥ لكنه جعل شيخ عاصم أبا بكر -يعني ابن أبي موسى الأشعري، وهو أخو أبي بردة المذكور هنا- وَقَالَ بعده: خالفه أبو الأحوص، سَلّام بن سليم، رواه عن عاصم، عن أبي بردة، ثم ساق رواية أبي الأحوص، فَقَالَ:

٩٥٣٧ - أخبرنا هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن عليّ، قَالَ: نهاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن أتختم فِي إصبعي هذه، وفي الوسطى، أو التي تليها.

قَالَ أبو عبد الرحمن: وهذا أولى بالصواب منْ الذي قبله.

يعني أن رواية أبي الأحوص التي جعل فيها شيخ عاصم أبا بُردة هي الصواب منْ رواية سفيان، عن عاصم، عن أبي بكر، وإنما رجّح رواية أبي الأحوص؛ لأن الحفاظ وافقوه عليها، فقد رواه الثوريّ، كما فِي الرواية التالية، وشعبة، كما أخرجه فِي "الكبرى"، ولفظه: