للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووجه التشبيه أن شعرهم يُشبه زَغَبَ (١) الطير، وهو أول ما يطلع منْ ريشه.

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (ادْعُوا لِي الْحَلاَّقَ فَأَمَرَ) ولفظ أبي داود: "فأمره": أي أمر الحلّاق (بِحَلْقِ رُءُوسِنَا) ولفظ أبي داود: "فحلق رؤوسنا". قيل: إنما أمر بحلق رؤوسهم مع أن إبقاء الشعر أفضل منْ حلقه، إلا فِي النسك؛ لما رأى منْ اشتغال أمهم أسماء بنت عُميس رضي الله تعالى عنها عن ترجيل شعورهم بما أصابها منْ قتل زوجها فِي سبيل الله تعالى، فأشفق عليهم منْ الوسخ، والقمل. أفاده فِي "عون المعبود" ١١/ ١٦٤ نقلاً عن القاري.

وقوله: (مُخْتَصَرٌ) بالرفع خبر لمحذوف: أي هَذَا الْحَدِيث مختصر منْ حديث مطوّل، وَقَدْ ساقه الإمام أحمد رحمه الله تعالى فِي "مسنده" بطوله، فَقَالَ:

١٧٥٣ - حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قَالَ: سمعت محمد بن أبي يعقوب، يحدث عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر، قَالَ: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيشًا، استعمل عليهم زيد بن حارثة، وَقَالَ: "فإن قُتل زيد"، أو "استشهد، فأميركم جعفر، فإن قُتل" أو "استشهد، فأميركم عبد الله بن رواحة"، فلقوا العدو، فأخذ الراية زيد، فقاتل حَتَّى قتل، ثم أخذ الراية جعفر، فقاتل حَتَّى قتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة، فقاتل حَتَّى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد، ففتح الله عليه، وأتى خبرُهُم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فخرج إلى النَّاس، فحمد الله، وأثنى عليه، وَقَالَ: "إن إخوانكم لَقُوا العدو، وإن زيدا أخذ الراية، فقاتل حَتَّى قتل، أو استشهد، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبي طالب، فقاتل حَتَّى قتل"، أو "استشهد، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة، فقاتل حَتَّى قتل"، أو "استشهد، ثم أخذ الراية سيف منْ سيوف الله، خالد بن الوليد، ففتح الله عليه"، فأمهل، ثم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم، ثم أتاهم، فَقَالَ: "لا تبكوا عَلَى أخي بعد اليوم"، أو "غد، ادعوا لي بني أخي قَالَ: فجيء بنا كأنا أفرُخ، فَقَالَ: "ادعوا إلي الحلاق"، فجيء بالحلاق، فحلق رءوسنا، ثم قَالَ: "أما محمد، فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خَلْقِي وخُلُقي"، ثم أخذ بيدي فأشالها، فَقَالَ: "اللَّهم اخلف جعفرا فِي أهله، وبارك لعبد الله فِي صفقة يمينه"، قالها ثلاث مرار، قَالَ: فجاءت أمنا، فذكرت له يُتْمَنا، وجعلت تفرح له، فَقَالَ: "العيلةَ تخافين عليهم، وأنا وليهم فِي الدنيا والآخرة". انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب،


(١) "الزَّغَبُ" بفتحتين: صغار الشعر، وليّنه حين يبدو منْ الصبيّ، وكذلك منْ الشيخ حين يرقّ شعره، ويضعُف، وهو الريش أولَ ما ينبُت، ودِقاقه أيضًا الذي لا يجود، ولا يطول. انتهى "المصباح".