شيء، كَانَ يعمل فيه بموافقة أهل الكتاب؛ لأنهم أصحاب شرع، بخلاف عبدة الأوثان، فإنهم ليسوا عَلَى شريعة، فلما أسلم المشركون انحصرت المخالفة فِي أهل الكتاب، فأمر بمخالفتهم.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الاحتمال الأخير الذي أبداه الحافظ رحمه الله تعالى هو الأظهر عندي، مما ذكره القرطبيّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٦١/ ٥٢٤٠ - وفي "الكبرى" ١٦/ ٩٣٣٤ وأخرجه (خ) فِي "المناقب" ٣٥٥٨ و٣٩٤٤ و"اللباس" ٥٩١٧ (م) فِي "الفضائل" ٢٣٣٦ (د) فِي "الترجل" ٤١٨٨ (ق) فِي "اللباس" ٢٦٣٢ (أحمد) فِي "مسند بني هاشم" ٢٦٠٠. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز فرق شعر الرأس. (ومنها): أنه يؤخذ منْ قول ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما فِي الْحَدِيث: "كَانَ يحب موافقة أهل الكتاب"، وقوله:"ثم فرق بعدُ" نسخ حكم تلك الموافقة، كما تقدّم. (ومنها): أن بعض الأصوليين استدلّ به عَلَى أن شرع منْ قبلنا شرع، ما لم يرد شرعنا بخلافه. وَقَالَ آخرون: بل هَذَا دليلٌ أنه ليس شرعاً لنا؛ لأنه قَالَ:"يحبّ موافقتهم"، فأشار إلى أنه إلى خِيرته، ولو كَانَ شرعاً لنا، لتحتّم اتّباعه. ذكره النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٥/ ٩٠.
(ومنها): ما قاله فِي "الفتح": ومما يشبه الفرق والسدل صبغ الشعر وتركه، كما تقدّم، ومنها صوم عاشوراء، ثم أمر بنوع مخالفة لهم فيه بصوم يوم قبله أو بعده، ومنها استقبال القبلة، ومخالفتهم فِي مخالطة الحائض، حَتَّى قَالَ:"اصنعوا كل شيء إلا الجماع"، فقالوا: ما يدع منْ أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، وَقَدْ تقدّم بيانه فِي "كتاب الحيض"، وهذا الذي استقر عليه الأمر.
(ومنها): فيما يظهر -كما قَالَ الحافظ رحمه الله النهيُ عن صوم يوم السبت، وَقَدْ جاء ذلك منْ طرق متعددة، فِي النسائيّ، وغيره، وصرح أبو داود بأنه منسوخ، وناسخه حديث أم سلمة أنه -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ يصوم يوم السبت والأحد، يتحرى ذلك، ويقول:"إنهما يوما عيد الكفار، وأنا أحب أن أخالفهم"، وفي