للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فوق العشرة، منْ الحفاظ، مقيدا بالرجل، ويحتمل أن يكون إسماعيل اختصره، لَمّا حَدّث به شعبة، والمطلق محمول عَلَى المقيد، ورواية شعبة عن إسماعيل، منْ رواية الأكابر عن الأصاغر. واختُلف فِي النهي عن التزعفر، هل هو لرائحته؛ لكونه منْ طيب النِّساء، ولهذا جاء الزجر عن الْخَلُوق، أو للونه، فيلتحق به كل صُفْرة، وَقَدْ نَقَل البيهقي عن الشافعيّ، أنه قَالَ: أنهى الرجل الحلال بكل حال أن يتزعفر، وآمره إذا تزعفر أن يغسله، قَالَ: وأُرَخِّص فِي المعصفر؛ لأنني لم أجد أحدا، يَحكي عنه، إلا ما قَالَ عليّ -رضي الله عنه-: "نهاني، ولا أقول: نهاكم"، قَالَ البيهقي: قد ورد ذلك عن غير عليّ -رضي الله عنه-، وساق حديث عبد الله بن عمرو، قَالَ: رأى عَلَيَّ النبىّ -صلى الله عليه وسلم-، ثوبين معصفرين، فَقَالَ: "إن هذه منْ ثياب الكفار، فلا تلبسهما"، أخرجه مسلم، وفي لفظ له: "فقلت: أغسلهما؟ قَالَ: لا، بل أحرقهما"، قَالَ البيهقي: فلو بلغ ذلك الشافعيَّ لقال به؛ اتباعا للسنة كعادته.

وَقَدْ كره المعصفر جماعة منْ السلف، ورخص فيه جماعة، وممن قَالَ بكراهته منْ أصحابنا -يعني الشافعيّة- الحليمي، واتباع السنة هو الأولى. انتهى. وَقَالَ النوويّ فِي "شرح مسلم": أتقن البيهقي المسألة، والله أعلم.

ورخص مالك فِي المعصفر، والمزعفر فِي البيوت، وكرهه فِي المحافل، وسيأتي قريبا (١) حديث ابن عمر فِي الصفرة، وتقدم فِي النكاح، حديث أنس فِي قصة عبد الرحمن بن عوف، حين تزوج، وجاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعليه أثر صفرة، وتقدم الجواب عن ذلك، بأن الخلوق كَانَ فِي ثوبه، عَلِقَ به منْ المرأة، ولم يكن فِي جسده، والكراهة لمن تزعفر فِي بدنه، أشد منْ الكراهة لمن تزعفر فِي ثوبه.

وَقَدْ أخرج أبو داود، والترمذي فِي "الشمائل"، والنسائي فِي "الكبرى" منْ طريق سَلْم العلوي، عن أنس، دخل رجل عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعليه أثر صفرة، فكره ذلك، وقَلّما كَانَ يواجه أحدا بشيء يكرهه، فلما قام، قَالَ: "لو أمرتم هَذَا أن يترك هذه الصفرة"، وسَلْم -بفتح المهملة، وسكون اللام- فيه لين، ولأبي داود منْ حديث عمار، رفعه: "لا تحضر الملائكة جنازة كافر، ولا مضمخ بالزعفران"، وأخرج أيضًا منْ حديث عمار: قَالَ: قدمت عَلَى أهلي ليلاً، وَقَدْ تشققت يداي، فخلقوني بزعفران، فسلمت عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فلم يُرَحِّب بي، وَقَالَ: "اذهب، فاغسل عنك هَذَا".

ثم قَالَ البخاريّ: "باب الثوب المزعفر"، وذكر فيه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: "نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بورس، أو زعفران".


(١) هَذَا بالنسبة للبخاريّ، وأما بالنسبة للنسائيّ فقد تقدّم ٦٦/ ٥٢٤٦ فتنبّه.