وَقَالَ: لعل أحد الرواة تأولها فأخطأ. وجمع الداودي باحتمال أن يكون إحدى العلتين بأحد الرجلين. وَقَالَ ابن العربي: قد ورد أنه أرخص لكل منهما، فالإفراد يقتضي أن لكل حكّة. قَالَ الحافظ: ويمكن الجمع بأن الحكة حصلت منْ القمل، فنسبت العلة تارة إلى السبب، وتارة إلى سبب السبب. ووقع فِي رواية محمد بن بشار، عن غندر: "رخص، أو أرخص"، كذا بالشك، وَقَدْ أخرجه أحمد عن غندر بلفظ: "رخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذا قَالَ وكيع عن شعبة.
قَالَ: وجعل الطبري جوازه فِي الغزو، مستنبطا منْ جوازه للحكة، فَقَالَ: دلت الرخصة فِي لبسه بسبب الحكة، أن منْ قصد بلبسه ما هو أعظم، منْ أذى الحكّة، كدفع سلاح العدو، ونحو ذلك، فإنه يجوز.
قَالَ: ثم المشهور عن القائلين بالجواز، أنه لا يختص بالسفر، وعن بعض الشافعيّة يختص. وَقَالَ القرطبيّ الْحَدِيث حجة عَلَى منْ منع، إلا أن يدعي الخصوصية بالزبير وعبد الرحمن، ولا تصح تلك الدعوى.
وَقَدْ جنح إلى ذلك عمر رضي الله عنه، فروى ابن عساكر منْ طريق ابن عوف (١)، عن ابن سيرين، أن عمر رأى عَلَى خالد بن الوليد، قميص حرير، فَقَالَ: ما هَذَا؟ فذكر له خالد قصة عبد الرحمن بن عوف، فَقَالَ: وأنت مثل عبد الرحمن؟، أو لك مثل ما لعبد الرحمن؟ ثم أمر منْ حضره فمزقوه، رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أنس رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٩٢/ ٥٣١٢ و٥٣١٣ - وفي "الكبرى" ٨٧/ ٩٦٣٥ و٩٦٣٦. وأخرجه (خ) فِي "الجهاد والسير" ٢٩١٩ و٢٩٢٠ و٢٩٢٢ و"اللباس" ٥٨٣٩ (م) فِي "اللباس" ٢٠٧٦ (د) فِي " اللباس" ٤٠٥٦ (ت) فِي "اللباس" ١٧٢٢ (ق) فِي "اللباس" ٣٥٩٢ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ١١٨٢١ و١١٨٧٩ و١٢٥٨٠ و١٣٢٢٨ و١٣٤٧٣.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الرخصة فِي لبس الحرير
(١) هكذا نسخة "الفتح"، ولعل الصواب "عوف" بإسقاط لفظة "ابن"، وهو عوف الأعرابيّ.