الإشارة إلى أعلام الطيالسة، والحاصل أنه تحقّق عنده بعد ذلك أن المراد جواز قدر الإصبَعين للأعلام، بعد أن اشتبه عليه أوّلاً. انتهى.
وَقَالَ القرطبيّ:"الأزرار": جمع زِرّ بتقديم الزاي: ما يُزرّر به الثوب بعضه عَلَى بعض، والمراد به هنا أطراف الطيالسة. و"الطيالسة": جمع طيلسان، وهو الثوب الذي له علمٌ، وَقَدْ يكون كساءً، وكان للطيالسة التي رآها أعلام حرير فِي أطرافها. قَالَ الحافظ: وَقَدْ أغفل صاحب "المشارق"، و"النهاية" فِي مادّة ط ل س ذكر الطيالسة، وكأنهما تركا ذلك لشهرته، لكن المعهود الآن ليس عَلَى الصفة المذكورة، وَقَدْ قَالَ عياض فِي "شرح مسلم": المراد بأزرار الطيالسة أطرافها. ووقع فِي حديث أسماء بنت أبي بكر عند مسلم أنها أخرجت جبّة طيالسة كسروانية، فقالت: هذه جبّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يدلّ عَلَى أن المراد بالطيالسة فِي هَذَا الْحَدِيث ما يُلبَس، فيشمل الجسد، لا المعهود الآن. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٤٦٦ - ٤٦٧. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عمر رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الرخصة فِي لبس الحرير قدر إصبَعَين. (ومنها): أن فِي هَذَا الْحَدِيث، وأمثاله بيانًا واضحًا لمن قَالَ: يحرم عَلَى الرجال لبس الحرير؛ للوعيد المذكور. (ومنها): أن فيه حجةً لمن أجاز لبس العلم منْ الحرير، إذا كَانَ فِي الثوب، وخصه بالقدر المذكور، وهو إصبعان، كما فِي هَذَا الْحَدِيث، أو أربع، كما فِي الْحَدِيث التالي، وهذا هو الأصح عند الشافعيّة. (ومنها): أن فيه حجة عَلَى منْ أجاز العلم فِي الثوب مطلقا، ولو زاد عَلَى أربعة أصابع، وهو منقول عن بعض المالكية. (ومنها): أن فيه حجةً عَلَى منْ منع العلم فِي الثوب مطلقا، وهو ثابت عن الحسن، وابن سيرين، وغيرهما، لكن يَحْتَمِل أن يكونوا منعوه ورعاً،