كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه منْ أفراده. (ومنها): أنه مسلسل بثقات البصريين إلى هشام. (ومنها): أن فيه أربعة منْ التابعين يروي بعضهم عن بعض: يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن معدان، عن جُبير بن نُفير. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
عن جُبير بن نُفير رحمه الله تعالى (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما (أَخْبَرَهُ) أي أخبر جبيرًا (أَنَّهُ رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُعَصْفَرَانِ) جملة فِي محلّ نصب عَلَى الحال منْ المفعول (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (هَذِهِ ثِيَابُ الْكُفَّارِ، فَلَا تَلْبَسْهَا) قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: هَذَا يدلّ عَلَى أن علّة النهي منْ لباسهما التشبّه بالكفّار. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي لبس المعصفر:
قَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: وَقَدْ اختَلف العلماء فِي جواز لبس المعصفر، فرُوي كراهته عن ابن عمر، وأجازه جماعة منْ الصحابة، والتابعين، والفقهاء، وهو قول مالك، والشافعيّ، وكره ما اشتدّت حمرته عطاء، وطاوس، وأباحا ما خفّ منها، وفرّق بعضهم بين أن يُمتهن، فيجوز، أو يُلبس، فيكره، وهو قول ابن عبّاس، والطبريّ، وكره بعض أهل العلم جميع ألوان الحمرة، وَقَدْ صحّ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه لبس حلّة حمراء، وَقَدْ لبس النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ما صُبغ بالصفرة عَلَى ما جاء عن ابن عمر، فلا وجه لكراهة الحمرة مطلقًا، وإنما المكروه للرجال المعصفر، والمزعفر؛ لنهي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك للرجال. وكره المعصفر بعض أهل العلم مطلقًا، وأجازه مالكٌ تمسّكًا بحديث ابن عمر المتقدّم. وَقَدْ حمل بعضهم النهي عَلَى الْمُحْرِم. قَالَ القرطبيّ: وهذا فيه بُعدٌ؛ لأن النِّساء والرجال ممنوعون منْ التطيّب فِي الإحرام، فلا معنى لتخصيصه