للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أأُمّك أمرتك بهذا؟ " قلت: أغسلهما؟ قَالَ: بل أحرقهما.

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أأمك أمرتك بهذا؟ ": معناه أن هَذَا منْ لباس النِّساء، وزِيِّهن، وأخلاقهن، وأما الأمر بإحراقهما، فقيل: هو عقوبة، وتغليظ لزجره، وزجر غيره عن مثل هَذَا الفعل، وهذا نظير أمر تلك المرأة التي لعنت الناقة بإرسالها، وأمر أصحاب بريرة ببيعها، وأنكر عليهم اشتراط الولاء، ونحو ذلك، والله أعلم. انتهى "شرح مسلم" ١٤/ ٥٥ - ٥٦.

وأخرج أحمد، وأبو داود بإسناد صحيح، منْ طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قَالَ: هبطنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منْ ثنية، فالتفت إليّ، وعلي رَيْطَة (١) مُضَرَّجة (٢) بالعُصفُر، فَقَالَ: "ما هذه الريطة عليك؟ "، فعرفت ما كره، فأتيت أهلي، وهم يسجُرون (٣) تنورا لهم، فقذفتها فيه، ثم أتيته منْ الغد، فَقَالَ: "يا عبد الله، ما فعلت الريطة؟ " فأخبرته، فَقَالَ: "ألا كسوتها بعض أهلك (٤)، فإنه لا بأس به للنساء". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما هَذَا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٩٥/ ٥٣١٩ - وفي "الكبرى" ٩٢/ ٩٦٤٨. وأخرجه (م) فِي "اللباس" ٢٠٧٧ (أحمد) فِي "مسند المكثرين" ٦٤٧٧ و٦٥٠٠ و٦٧٨٢ و٦٨٩٢ و٦٩٣٣. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان النهي عن لبس المعصفر. قَالَ الشوكانيّ رحمه الله تعالى: وَقَدْ استدل بهذا الْحَدِيث منْ قَالَ بتحريم لبس الثوب المصبوغ بعصفر وهم العترة، واستدلوا أيضًا عَلَى ذلك بحديث ابن عمرو، وحديث عليّ المذكورين بعد هَذَا وغيرهما، وسيأتي بعض ذلك.


(١) قوله: "ريطة" -بفتح الراء المهملة، وسكون المثناة تحتُ، ثم طاء مهملة- ويقال: رائطة، قَالَ المنذري: جاءت الرواية بهما، وهي كل مُلاءة منسوجة بنسج واحد. وقيل: كل ثوب رقيق لين، والجمع رَيْط، ورِيَاط.
(٢) وقوله: "مُضَرّجة" -بفتح الراء المشددة-: أي ملطخة.
(٣) قوله: "يَسجُرون": أي يوقدون.
(٤) قوله: "بعض أهلك": يعني زوجته، أو بعض نساء محارمه، وأقاربه.