(عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) الساعديّ رضي الله تعالى عنهما، أنه (قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ) لا يعرف اسمها، قاله فِي "الفتح"(بِبُرْدَةٍ، قَالَ سَهْلٌ) -رضي الله عنه- (هَلْ تَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، هَذِهِ الشَّمْلَةُ) بفتح، فسكون: كساء صغير يُؤتر به، والجمع شَمَلات، مثلُ سَجْدة وسَجَدات، وشِمال أيضاً، مثلُ كلبة وكلاب. وَقَالَ فِي "الفتح": فِي تفسير البردة بالشملة تجوّز؛ لأن البردة كساء، والشملة ما يُشتَمَل به، فهي أعم، لكن لما كَانَ أكثر اشتمالهم بها، أطلقوا عليها اسمها (مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا) قَالَ الداودي: يعني أنها لم تُقطع منْ ثوب، فتكونَ بلا حاشيه، وَقَالَ غيره: حاشية الثوب: هدبه، فكأنه قَالَ: إنها جديدة لم يقطع هدبها، ولم تُلبَس بعدُ، وَقَالَ القزاز: حاشيتا الثوب: ناحيتاه اللتان فِي طرفهما الهدب.
(فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَسَجْتُ) منْ باب ضرب: أي صنعت (هَذِهِ) الشملة (بِيَدِي، أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، مُحْتَاجًا إِلَيْهَا) كأنهم عرفوا ذلك بقرينة حال، أو تقدّم قول صريح (فَخَرَجَ إِلَيْنَا، وَإِنَّهَا لإِزَارُهُ) وفي رواية ابن ماجه، عن هشام بن عمار، عن عبد العزيز:"فخرج إلينا فيها"، وفي رواية هشام بن سعد، عن أبي حازم، عند الطبراني:"فاتزر بها، ثم خرج".
[تنبيه]: هَذَا الْحَدِيث مختصر، وتمامه، كما عند البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه": "فحسّنها فلان، فَقَالَ: اكسنيها، ما أحسنها، قَالَ القوم: ما أحسنت، لبسها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مُحتاجاً إليها، ثم سألته، وعلمت أنه لا يردّ، قَالَ: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، قَالَ: سهلٌ: فكانت كفنه". انتهى.
وينبغي لي أن أذكر شرحه تكميلاً للفائدة، قَالَ فِي "الفتح":
"قوله": "فحسنها فلان، فَقَالَ اكسنيها، ما أحسنها": كذا فِي جميع الروايات هنا بالمهملتين، منْ التحسين، وللمصنف فِي "اللباس" منْ طريق يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم:"فجَسّها" بالجيم بغير نون، وكذا للطبراني، والإسماعيلي، منْ طريق أخرى عن أبي حازم.
وقوله:"فلان": أفاد المحب الطبري فِي "الأحكام" له: أنه عبد الرحمن بن عوف، وعزاه للطبراني، قَالَ الحافظ: ولم أره فِي "المعجم الكبير"، لا فِي مسند سهل، ولا عبد الرحمن، ونقله شيخنا ابن الملقن، عن المحب فِي "شرح العمدة"، وكذا قَالَ لنا شيخنا الحافظ، أبو الحسن الهيثمي: إنه وقف عليه، لكن لم يستحضر مكانه، ووقع لشيخنا ابن الملقن فِي "شرح التنبيه": أنه سهل بن سعد، وهو غلط، فكأنه التبس عَلَى