قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وَقَدْ تقدّموا غير مرّة. و"خالد": هو ابن الحارث الْهُجيميّ البصريّ الثقة الثبت [٨]. و"محارب" -بصيغة اسم الفاعل-: هو ابن دثار السدوسيّ الثقة الإمام الزاهد [٤]. وكان محارب قد ولي قضاء الكوفة، قَالَ عبد الله بن إدريس الأودي، عن أبيه: رأيت الحكم، وحمادا فِي مجلس قضائه. وَقَالَ سماك بن حرب: كَانَ أهل الجاهلية، إذا كَانَ فِي الرجل ست خصال سَوَّدوه: الحلم، والعقل، والسخاء، والشجاعة، والبيان، والتواضع، ولا يَكْمُلْنَ فِي الإسلام إلا بالعفاف، وَقَدْ اجتمعن فِي هَذَا الرجل -يعني محارب بن دثار. ذكره فِي "الفتح" ١١/ ٤٣٤.
والحديث متَّفقٌ عليه، ولفظ البخاريّ منْ طريق شبابة بن سَوّار، قَالَ: حدثنا شعبة، قَالَ: لقيت محارب بن دثار، عَلَى فرس، وهو يأتي مكانه الذي يقضي فيه، فسألته عن هَذَا الْحَدِيث، فحدثني، فَقَالَ: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "منْ جر ثوبه مخيلة، لم ينظر الله إليه يوم القيامة"، فقلت لمحارب: أذكر إزاره؟ قَالَ: ما خص إزارا، ولا قميصا.
وسبب سؤال شعبة عن الإزار، أن أكثر الطرق جاءت بلفظ "الإزار"، وجواب محارب حاصله أن التعبير بالثوب، يشمل الإزار وغيره، وَقَدْ جاء التصريح بما اقتضاه ذلك، فقد أخرج أصحاب السنن، إلا الترمذيّ، واستغربه ابن أبي شيبة، منْ طريق عبد العزيز بن أبي رَوّاد، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ:"الإسبال فِي الإزار، والقميص، والعمامة، منْ جر منها شيئا خيلاء … " الْحَدِيث، وسيأتي للمصنّف بعد بابين، ويأتي تمام البحث فيه هناك، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".