الرفع: أي ما هو أسفل، وهو أفعل تفضيل، ويحتمل أن يكون فعلا ماضيا، ويجوز أن تكون "ما" نكرة موصوفة بـ"أسفل".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ويحتمل أن يكون "أسفل" منصوبًا عَلَى الظرفيّة، وعليه فلا داعي لحذف بعض الصلة؛ لصلاحيته أن يكون صلة، بل هَذَا هو الأولى منْ دعوى الحذف، فتنبّه. والله تعالى أعلم.
قَالَ الخطّابيّ: يريد أن الموضع الذي يناله الإزار، منْ أسفل الكعبين فِي النار، فكنى بالثوب عن بدن لابسه، ومعناه أن الذي دون الكعبين منْ القدم، يعذب عقوبة، وحاصله أنه منْ تسمية الشيء باسم ما جاوره، أو حل فيه، وتكون "منْ" بيانية، ويحتمل أن تكون سببية، ويكون المراد الشخص نفسه، أو المعنى: ما أسفل منْ الكعبين منْ الذي يسامت الإزار فِي النار، أو التقدير: لابس ما أسفل منْ الكعبين … الخ، أو التقدير: أن فعل ذلك محسوب فِي أفعال أهل النار، أو فيه تقديم وتأخير: أي ما أسفل منْ الإزار منْ الكعبين فِي النار، وكل هَذَا استبعاد ممن قاله لوقوع الإزار حقيقة فِي النار، وأصله ما أخرج عبد الرزاق، عن عبد العزيز بن أبي رَوّاد، أن نافعا سُئل عن ذلك، فَقَالَ: وما ذنب الثياب، بل هو منْ القدمين. انتهى.
لكن أخرج الطبراني، منْ طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: رآني النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أسبلت إزاري، فَقَالَ:"يا ابن عمر، كلُّ شيء يمس الأرض منْ الثياب فِي النار"، وأخرج الطبراني، بسند حسن، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه رأى أعرابيا يصلي، قد أسبل، فَقَالَ:"المسبل فِي الصلاة ليس منْ الله فِي حِلّ، ولا حرام"، ومثل هَذَا لا يقال بالرأي، فعلى هَذَا لا مانع منْ حمل الْحَدِيث عَلَى ظاهره، ويكون منْ وادي:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} الآية [الأنبياء: ٩٨]، أو يكون فِي الوعيد لما وقعت به المعصية، إشارة إلى أن الذي يتعاطى المعصية أحق بذلك. انتهى "فتح" ١١/ ٤٢٨ - ٤٢٩. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".