الأدلّة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
ويستثنى منْ إسبال الإزار مطلقا ما أسبله لضرورة، كمن يكون بكعبيه جرح مثلاً، يؤذيه الذباب مثلا إن لم يستره بإزاره، حيث لا يجد غيره، نبه عَلَى ذلك الحافظ العراقيّ رحمه الله تعالى فِي "شرح الترمذيّ"، واستَدَلَّ عَلَى ذلك بإذنه -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن ابن عوف، فِي لبس قميص الحرير، منْ أجل الحكة، والجامع بينهما جواز تعاطي ما نُهي عنه منْ أجل الضرورة، كما يجوز كشف العورة للتداوي. ويستثنى أيضًا منْ الوعيد فِي ذلك النِّساء، كما سيأتي البحث فيه بعد باب، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهدا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه البخاريّ.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٠٣/ ٥٣٣٢ - وأخرجه (خ) فِي "اللباس" ٥٧٨٧. وفوائده تقدّمت قريباً. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٥٣٣٣ - (أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَقَدْ كَانَ يُخْبِرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، مِنَ الإِزَارِ، فَفِى النَّارِ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة. و"أبو داود": هو سليمان بن داود الطيالسيّ.
وقوله: "وَقَدْ كَانَ يُخبر عن أبي هريرة" هكذا نسخ "المجتبى"، و"الكبرى"، ووقع فِي "تحفة الأشراف" ٩/ ٤٧٣ بلفظ: "قَالَ: أخبرنا سعيد المقبريّ، وكان قد كبر".
وفي رواية الإسماعيليّ، منْ طريق عبد الرحمن بن مهديّ، عن شعبة: "سمعت سعيدًا المقبريّ، سمعت أبا هريرة". قاله فِي "الفتح" ١١/ ٤٢٨.
وقوله: "ما أسفل منْ الكعبين منْ الإزار ففي النار". قَالَ الكرمانيّ: "ما" موصولة، وبعض صلته محذوف، وهو "كَانَ"، و"أسفل" خبره، ويجوز أن يُرفَع "أسفل"، وهو أفعل، ويحتمل أن يكون فعلاً ماضيًا. وَقَالَ الزركشيّ "منْ" الأولى لابتداء الغاية، والثانية للبيان. ذكره السيوطيّ فِي "شرحه" ٨/ ٢٠٧.
وَقَالَ فِي "الفتح": قوله: "ما أسفل منْ الكعبين، منْ الإزار، فِي النار". "ما" موصولة، وبعض الصلة محذوف، وهو "كَانَ" و"أسفل" خبره، وهو منصوب، ويجوز