يقيّده بنوع منْ الذراع، فالظاهر أراد إحالته عَلَى ما تعارف النَّاس أنه ذراع، ويدلّ عَلَى ذلك ما أخرجه أبو داود منْ طريق أبي الصدّيق الناجيّ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: رخّص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمهات المؤمنين فِي الذيل شبرًا، ثم استزدنه، فزادهنّ شبرًا، فكنّ يرسلن إلينا، فنذرع لهنّ ذراعاً (١).
فقد عمل الصحابة بمطلق الذراع، قَالَ الحافظ: أفادت هذه الرواية قدر الذراع المأذون فيه، وأنه شبران بشبر اليد المعتدلة. فتبصّر. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١٠٥/ ٥٣٣٨ - وفي "الكبرى" ١٠٦/ ٩٧٣٥. وأخرجه (ت) فِي "اللباس" ١٧٣١. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي بيان الاختلاف الواقع فِي زيادة قصّة أم سلمة رضي الله تعالى عنها فِي هَذَا الْحَدِيث:
(اعلم): أن هَذَا الْحَدِيث أخرجه البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه"، وليست فيه هذه الزيادة:"قالت أم سلمة: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخ"، فَقَالَ الحافظ رحمه الله تعالى فِي شرح حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، مرفوعًا:"لا ينظر الله يوم القيامة إلى منْ جرّ إزاره بَطَراً": ما حاصله: قوله: "منْ": يتناول الرجال والنساء فِي الوعيد المذكور، عَلَى هَذَا الفعل المخصوص، وَقَدْ فَهِمَت ذلك أم سلمة رضي الله عنها، فأخرج النسائيّ، والترمذي، وصححه، منْ طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، متصلا بحديثه المذكور فِي الباب الأول:"فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النِّساء بذيولهن، فَقَالَ: يرخين شبراً، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قَالَ: فيرخينه ذراعا، لا يزدن عليه" لفظ الترمذيّ، وَقَدْ عزا بعضهم هذه الزيادة لمسلم، فَوَهِمَ، فإنها ليست عنده، وكأن مسلما أعرض عن هذه الزيادة؛ للاختلاف فيها عَلَى نافع، فقد أخرجه أبو داود،
(١) حديث صحيح، ولا يقال: فِي إسناد زيد العميّ، وهو ضعيفٌ؛ لأن المصنّف رحمه الله تعالى رواه منْ طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فهو شاهد له، فيصح به، فتنبّه. والله تعالى أعلم.