قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله النوويّ منْ أن المراد رقم الشجر ونحوه فيه نظر؛ إذ لا فرق فِي جواز تصوير الشجر، ونحوه مما ليس بحيوان بين ما كَانَ رقمًا فِي ثوب، وبين غيره، فتأمّل بإنصاف.
وَقَالَ فِي "الفتح": قَالَ ابن العربيّ: حاصل ما فِي اتّخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرُم بالإجماع، وإن كانت رقما، فأربعة أقوال:[الأول]: يجوز مطلقًا عَلَى ظاهر قوله فِي حديث الباب: "إلا رقمًا فِي ثوب". [الثاني]: المنع مطلقًا حَتَّى الرقم. [الثالث]: إن كانت الصورة باقية الهيئة، قائمة الشكل حرُم، وإن قُطعت الرأس، أو تفرّقت الأجزاء جاز. [الرابع]: إن كَانَ مما يُمتَهنُ جاز، وإن كَانَ معلّقًا لم يجُز. انتهى. وَقَدْ حكم ابن عبد البرّ عَلَى القول الثالث بأنه أعدل الأقوال، كما سيأتي قوله قريباً، إن شاء الله تعالى.
(قَالَ) أبو طلحة (بَلَى) أي قَالَ ذلك (وَلَكِنَّهُ) أي نزع هَذَا النمط (أَطْيَبُ لِنَفْسِي) أي أطهر للتقوى، واختيار الأولى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي طلحة رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١١١/ ٥٣٥١ - وفي "الكبرى" ١٠٩/ ٩٧٦٦. وأخرجه (ت) فِي "اللباس" ١٧٥٠ (الموطأ) فِي "الجامع" ١٨٠٢. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تحريم التصاوير. (ومنها): جوز الصور المرقومة، قَالَ المباركفوريّ رحمه الله تعالى: استُدلّ بهذا الْحَدِيث عَلَى أن التصاوير إذا كانت فِي فراش، أو بساط، أو وسادة، فلا بأس بها. قَالَ: فِي الاستدلال بهذا الْحَدِيث عَلَى هَذَا المطلوب نظر منْ وجهين: [الأول]: أن المراد بقوله: "إلا ما كَانَ رقمًا فِي ثوب" تصوير غير الحيوان؛ جمعًا بين الأحاديث، كما صرّح به النوويّ. [والثاني]؛ أنه لو كَانَ المراد مطلق التصاوير، سواء كانت للحيوان، أو لغيره، لزم أن يكون اتّخاذ التصاوير كلّها جائزاً، سواء كانت فِي الستر، أو فِي ما يُنصب نصباتً، أو فِي البساط، والوسادة؛ لأنه مطلق، ليس فيه تقييد بكونها فِي البساط، أو غيره، وهو