للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كما ترى. انتهى "تحفة الأحوذي" ٥/ ٤٣١.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله المباركفوريّ فيه نظر لا يخفى، أما الأول، فحمله عَلَى غير الحيوان قد تقدّم أنه غير صحيح؛ لأنه لا فرق بين الرقم وغيره فِي جواز تصوير غير الحيوان، وَقَدْ استثنى الشارع منْ الصور ما كَانَ رقمًا، كما هو نصّ هَذَا الْحَدِيث، وكذلك ما قُطعت رؤوسها، أو جُعلت بساطًا، يوطأ، كما سيأتي فِي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بعد بابين.

وأما الثاني، فنقول: لا مانع منْ جواز اتّخاذ الصور الجائز الاستعمال؛ لأن الشارع إذا جوّز استعمال شيء، فقد جوّز اتّخاذه، فأيّ دليل دلّ عَلَى منع اتّخاذ الصور الجائزة الاستعمال؟. وسيأتي مزيد تحقيق قريباً، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي الاختلاف فِي سند هَذَا الْحَدِيث

قَالَ الحافظ أبو عمر رحمه الله تعالى فِي كتابه "التمهيد" ٢١/ ١٩٢ - ١٩٣: لم يختلف الرواة عن مالك فِي إسناد هَذَا الْحَدِيث، ومتنه فِي "الموطإ"، وفيه عن عبيد الله أنه دخل عَلَى أبي طلحة، فأنكر ذلك بعض أهل العلم، وَقَالَ: لم يلق عبيدُ الله أبا طلحة، وما أدري كيف قَالَ ذلك، وهو يروي حديث مالك هَذَا؟، وأظنّ ذلك -والله أعلم- منْ أجل أن بعض أهل السير قَالَ: توفّي أبو طلحة سنة (٣٤) فِي خلافة عثمان -رضي الله عنه-، وعبيد الله لم يكن فِي ذلك الوقت ممن يصحّ له سماع.

قَالَ أبو عمر: اختُلف فِي وفاة أبي طلحة، وأصح شيء فِي ذلك، ما رواه أبو زرعة، قَالَ: سمعت أبا نعيم يحدث عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قَالَ: سرد أبو طلحة الصوم بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة، فكيف يجوز أن يقال: إنه مات سنة أربع وثلاثين، وهو قد صام بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة، وإذا كَانَ ذلك كما ذكرنا، صح أن وفاته لم تكن إلا بعد خمسين سنة منْ الهجرة. والله أعلم.

وأما سهل بن حُنيف، فلا يَشُكّ عالم بأن عبيد الله بن عبد الله لم يره، ولا لقيه، ولا سمع منه، وذكره فِي هَذَا الْحَدِيث خطأ، لا شك فيه؛ لأن سهل بن حُنيف توفي سنة ثمان وثلاثين، وصلى عليه عليّ رضي الله عنه، ولا يذكره فِي الأغلب عبيد الله بن عبد الله لصغر سنه يومئذ، والصواب فِي ذلك -والله أعلم- عثمان بن حنيف، وكذلك رواه محمد بن إسحاق، عن أبي النضر سالم، عن عبيد الله بن عبد الله، قَالَ: انصرفت مع عثمان بن حنيف إلى دار أبي طلحة نعوده، فوجدنا تحته نمطا، وساق الْحَدِيث بمعنى حديث مالك، عن أبي النضر، واختُلف فِي وفاة عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، فَقَالَ