وتُعُقّب بالحديث الذي جاء بلفظ:"إن الذين يصنعون هذه الصور، يعذبون"، وبحديث عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ:"إن أصحاب هذه الصور يعذبون"، وغير ذلك، ولو سُلّم له استدلاله، لم يرد عليه الإشكال المقدم ذكره.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله الفارسيّ منْ تكفير منْ اعتقد أن لله صورة مذهب باطلٌ، فقد ثبت إطلاق الصورة لله تعالى فِي الأحاديث الصحيحة، كالحديث الطويل فِي الشفاعة المتّفق عليه، وفيه:"فيأتيهم الجبّار بصورة غير صورته التي رأوه فيها … "، وغير ذلك، فالواجب عَلَى المسلم أن يعتقد اتصاف الله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه عَلَى الوجه الذي أراده، منْ غير تشبيه، ولا تمثيل، ومن غير تأويل، ولا تعطيل، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بالاعتساف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وخص بعضهم الوعيد الشديد بمن صَوّر قاصدا أن يضاهي، فإنه يصير بذلك القصد كافرا، وَقَدْ تقدّم حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فِي الباب الماضي بلفظ:"أشد النَّاس عذابا الذين يضاهون بخلق الله تعالى"، وأما منْ عداه فيحرم عليه، ويأثم لكن إثمه دون إثم المضاهي. وأشد منه منْ يصور ما يُعبد منْ دون الله كما تقدّم، وذكر القرطبيّ أن أهل الجاهلية كانوا يعملون الأصنام منْ كل شيء، حَتَّى إن بعضهم عمل صنمه منْ عجوة، ثم جاع، فأكله. انتهى "فتح" ١١/ ٥٨٢ - ٥٨٣. ببعض تصرّف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة. و"سفيان": هو ابن عيينة.
وقولها:"فيه تماثيل" بمعنى تصاوير، كما فِي الرواية الماضية، وَقَالَ فِي "الفتح": بمثنّاة، ثم مثلّثة: جمع تِمثال، وهو الشيء المصوّر، أعمّ منْ أن يكون شاخصاً، أو يكون نقشا، أو دهاناً، أو نسجًا فِي ثوب. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد عرفت فيما سبق منْ الأدلة أن النهي فيما عدا ما كَانَ رقماً فِي ثوب، أو ممتهناً، أو مقطوع الرأس، فإنها جائزة الاستعمال، فتنبّه. والله تعالى أعلم.