للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فصنعه حرام بكل حال، وسواء كَانَ فِي ثوب، أو بساط، أو درهم، أو دينار، أو فلس، أو إناء، أو حائط، أو غيرها.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: [إن قيل]: هَذَا الذي قالوه يستلزم تحريم ما سبق ترجيحه منْ جواز استعمال الصور المستثنيات فِي الْحَدِيث، كالذي تمتهن بالوطء بالأقدام مثلاً.

[قلنا]: حكم التصوير غير حكم استعمال الصور، فالتصوير حرام مطلقاً، واستعمال المستثنيات منْ الصور جائز، فيجوز لمن وجد صورة منْ المستثنيات أن يستعملها؛ للأحاديث الصحاح التي تقدّمت، ولا يجوز له أن يصورها؛ للوعيد المذكور فِي أحاديث الباب، والبابين بعده.

والحاصل أن الأحاديث التي فيها الاستثناء إنما تفيد جواز استعمال الصور، لا جواز التصوير. فليُتنبّه، فإنه منْ مزالّ الأقدام. والله تعالى أعلم بالصواب.

قَالَ: فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان، فليس بحرام.

قَالَ الحافظ: ويؤيد التعميم فيما له ظل، وفيما لا ظل له، ما أخرجه أحمد، منْ حديث عليّ -رضي الله عنه-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "أيكم ينطلق إلى المدينة، فلا يدع بها وثنا إلا كسره، ولا صورة إلا لطخها" -أي طمسها- … الْحَدِيث، وفيه: "منْ عاد إلى صنعة شيء منْ هَذَا، فقد كفر بما أنزل عَلَى محمد -صلى الله عليه وسلم-".

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الْحَدِيث الذي استدلّ به الحافظ عَلَى التعميم حديث ضعيفٌ؛ لأن فِي سنده رجل يقال له: أبو محمد الهذليّ، وهو مجهول، وفي حديثه اضطراب أيضًا، والله تعالى أعلم.

وَقَالَ الخطّابيّ: إنما عظمت عقوبة المصور؛ لأن الصور كانت تُعبد منْ دون الله، ولأن النظر إليها يَفتن، وبعض النفوس إليها تميل، قَالَ: والمراد بالصور هنا التماثيل التي لها روح. وقيل: يفرق بين العذاب والعقاب، فالعذاب يطلق عَلَى ما يؤلم، منْ قول، أو فعل، كالعتب، والإنكار، والعقابُ يختص بالفعل، فلا يلزم منْ كون المصور أشد النَّاس عذابا، أن يكون أشد النَّاس عقوبة، هكذا ذكره الشريف المرتضى فِي "الغرر".

وتُعُقب بالآية المشار إليها، وعليها انبنى الإشكال، ولم يكن هو عَرَّج عليها، فلهذا ارتضى التفرقة. والله أعلم.

واستَدَلّ به أبو عليّ الفارسي فِي "التذكرة" عَلَى تكفير المشبهة، فحمل الْحَدِيث عليهم، وأنهم المراد بقوله: "المصورون" أي الذين يعتقدون أن لله صورة.