للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انتهى "النهاية" ٢/ ٤٧٢.

وَقَالَ فِي "الفتح" ١١/ ٤٩٤: "الشسع" -بكسر المعجمة، وسكون المهملة، بعدها عين مهملة-: السَّيْرُ الذي يُجعل فيه إصبع الرِّجْل منْ النعل، و"الشراك" -بكسر المعجمة، وتخفيف الراء، وآخره كاف-، أحد سيور النعل التي تكون فِي وجهها، وكلاهما يختل المشي بفقده. انتهى.

(فَلَا) ناهية، ولذا جزم بها قوله (يَمْشِ فِى نَعْلٍ وَاحِدَةٍ) تقدّم أن النعل مؤنّثة، ولذا وصفها بقوله: "واحدة" (حَتَّى يُصْلِحَهَا) أي يُصلح شسعها المنقطع.

ولفظ البخاريّ منْ طريق الأعرج، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لا يمشي أحدكم فِي نعل واحدة؛ ليُحفهما جميعًا، أو ليُنعلهما جميعًا".

قَالَ فِي "النهاية" ٢/ ٤٧٢: وإنما نهي عن المشي فِي نعل واحدة؛ لئلا تكون إحدى الرجلين أرفع منْ الأخرى، ويكون سبباً للعثار، ويقبُح فِي المنظر، ويُعاب فاعله. انتهى.

وَقَالَ فِي "الفتح": قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: الحكمة فِي النهي أن النعل شُرعت لوقاية الرِّجْل عما يكون فِي الأرض، منْ شوك، أو نحوه، فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه، ما لا يتوقى للأخرى، فيخرج بذلك عن سجية مشيه، ولا يأمن مع ذلك منْ العثار. وقيل: لأنه لم يَعْدِل بين جوارحه، وربما نُسب فاعل ذلك إلى اختلال الراي، أو ضعفه. وَقَالَ ابن العربي: قيل: العلة فيها أنها مِشْيَة للشيطان. وقيل: لأنها خارجة عن الاعتدال. وَقَالَ البيهقي: الكراهة فيه للشهرة، فتمتد الأبصار لمن ترى ذلك منه، وَقَدْ ورد النهي عن الشهرة فِي اللباس، فكل شيء صير صاحبه شهرة، فحقه أن يُجتنب.

وأما ما أخرجه مسلم (١) منْ طريق أبي رَزين، عن أبي هريرة، بلفظ: "إذا انقطع شسع أحدكم، فلا يمشي فِي نعل واحدة، حَتَّى يصلحها"، وله منْ حديث جابر -رضي الله عنه-: "حَتَّى يصلح نعله"، وله ولأحمد منْ طريق همام، عن أبي هريرة: "إذا انقطع شسع أحدكم، أو شراكه، فلا يمشي فِي إحداهما بنعل، والأخرى حافية؛ ليُحفهما جميعا، أو ليُنعلهما جميعا"، فهذا لا مفهوم له، حَتَّى يدلّ عَلَى الإذن فِي غير هذه الصورة، وإنما هو تصوير خرج مخرج الغالب، ويمكن أن يكون منْ مفهوم الموافقة، وهو التنبيه بالأدنى عَلَى الأعلى، لأنه إذا منع مع الاحتياج، فمع عدم الاحتياج أولى.


(١) هو الْحَدِيث الآتي للمصنّف بعد هَذَا.