والخادمة بالهاء فِي المؤنّث قليل، والجمع خَدَم بفتحتين، وخُدّام (وَمَرْكَبٌ) بفتح، فسكون: أي مركوب يُسار عليه (فِى سَبِيلِ اللَّهِ) أي فِي الجهاد، أو الحجّ، أو غير ذلك، والمقصود منه القناعة، والاكتفاء بقدر الكفاية، مما يصحّ أن يكون زادًا للآخرة كما رواه الطبرانيّ، والبيهقيّ عن خَبّاب:"إنما يكفي أحدكم ما كَانَ فِي الدنيا مثل زاد الراكب"(فَأَدْرَكْتُ) أي ما قاله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (فَجَمَعْتُ) وفي رواية رزين: "فلما مات حصل ما خلف، فبلغ ثلاثين درهماً، وحُسبت فيه القصعة التي كَانَ يعجن فيها، وفيها يأكل". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هاشم بن عتبة -رضي الله عنه- حسنٌ.
[فإن قلت]: فِي سنده سمرة بن سهم، وهو مجهول، فكيف يكون حسناً؟.
[قلت]: له شاهد منْ حديث بُريدة الأسلميّ -رضي الله عنه- أخرجه أحمد ٥/ ٣٦٠، والدارميّ ٢/ ٣٠١ بسند رجاله ثقات عن أبي نضرة، عن عبد الله بن مَوَلَة، عن بريدة الأسلميّ -رضي الله عنه-، مرفوعًا بلفظ:"ليكف أحدكم منْ الدنيا خادم، ومركب"، وفيه ابن مَوَلة، مجهول؛ لكنه تابعيّ، رَوَى عنه أبو نضرة، ووثقه ابن حبّان، فمثله يصلح للشواهد. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان جواز اتّخاذ الخادم، والمركب. (ومنها): الترغيب فِي الزهد عن الدنيا، والتقلّل منْ متاعها. (ومنها): ما كَانَ عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ الحثّ والترغيب لأصحابه أن لا يغترّوا بما يُفتح عليهم منْ زخرف الدنيا، ومستلذّاتها، حَتَّى يكونوا راغبين فِي النعيم الباقي، وهو نعيم الجنة. (ومنها): ما كَانَ عليه الصحابة -رضي الله عنهم- منْ الخوف منْ عدم القيام بما أوصاهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع كونهم متمسّكين به، حيث إن أبا هاشم -رضي الله عنه- بكى عَلَى ذلك مع أنه لما مات ما تجاوز ما جمعه ثلاثين درهمًا، كما سبق قريباً، وهذا منْ غاية الخوف وشدة الورع. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.