ويقومون بالإنفاق عليهم (وَمَا وَلُوا") بفتح الواو، وضمّ اللام المخفّفة، أصله وَلِيُوا بكسر الام، وضمّ الياء، بوزن علِموا، فنقلت ضمة الياء إلى اللام بعد سلب حركتها؛ للاستثقال، ثم حذفت الياء للالتقاء الساكنين. ومعنى: "ولوا" أي كانت لهم عليه ولاية، وعطفه عَلَى ما قبله منْ عطف العامّ عَلَى الخاصّ.
(قَالَ مُحَمَّدٌ) هو ابن آدم بن سليمان، شيخه الثاني (فِي حَدِيثِهِ) أي فِي روايته لهذا الْحَدِيث (وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ) جملة منْ مبتدأ وخبر فِي محلّ نصب مقول "قَالَ محمد". يعني أنه زاد عَلَى رواية قتيبة قوله: "وكلتا يديه يمين". وإنما قَالَ ذلك: تحرّزًا منْ توهّم نقص وضعفٍ فيما أضافه إلى الحقّ سبحانه وتعالى، وذلك أنه لمّا كانت اليمين تقابلها الشمال، وهي فِي المتعارف أنقص رتبة، وأضعف حركة، وأثقل لفظًا، فأزال توهّم مثل هَذَا فِي حقّ الله تعالى، فَقَالَ: "وكلتا يديه يمين": أي كلّ ما نُسب إليه سبحانه وتعالى ميمون مبارك، لا نقص، يُتوهّم فيه، ولا قصور. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١/ ٥٣٨١ - وفي "الكبرى" ١/ ٥٩١٦. وأخرجه (م) فِي "الإمارة" ١٨٢٧ (أحمد) فِي "مسند المكثرين" ٦٤٤٩ و٦٤٥٦ و٦٨٥٨. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان فضل الحاكم العادل فِي حكمه. (ومنها): فضل العدل فِي الأهل والأولاد، وذلك بالقيام بما يحتاجون إليه منْ أمور دينهم ودنياهم، وتعليمهم ما ينفعهم، وزجرهم عما يضرّ بهم دينًا، ودنيا. (ومنها): إثبات صفة اليمين لله سبحانه وتعالى عَلَى ما يليق بجلاله، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".