للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَ) السادس (رَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ، ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ) "المنصب" -بكسر الصاد المهملة: الأصل، أو الشرف، وفي رواية مالك: "دعته ذات حسب"، وهو يطلق عَلَى الأصل، وعلى المال أيضًا، وَقَدْ وصفها بأكمل الأوصاف، التي جرت العادة بمزيد الرغبة لمن تحصل فيه، وهو المنصب الذي يستلزمه الجاه والمال، مع الجمال، وقل منْ يجتمع ذلك فيها منْ النِّساء. قاله فِي "الفتح".

وَقَالَ النوويّ: وخصّ ذات الجمال؛ لكثرة الرغبة فيها، وعسر حصولها، وهي جامعة للمنصب والجمال، لاسيما وهي إلى نفسها مع جمالها المنصب والجمال منْ أكمل المراتب، وأعظم الطاعات، فرتّب الله تعالى عليه أن يُظلّه، وذات المنصب هي ذات الحسب، والنسب الشريف. انتهى "شرح مسلم" ٧/ ١٢٢.

(إِلَى نَفْسِهَا) وفي رواية البيهقي فِي "الشعب"، منْ طريق أبي صالح، عن أبي هريرة: "فعرضت نفسها عليه"، والظاهر أنها دعته إلى الفاحشة، وبه جزم القرطبيّ، ولم يحك غيره، وَقَالَ بعضهم: يحتمل أن تكون دعته إلى التزوج بها، فخاف أن يشتغل عن العبادة بالافتتان بها، أو خاف أن لا يقوم بحقها؛ لشغله بالعبادة عن التكسب بما يليق بها، والأول أظهر، ويؤيده وجود الكناية فِي قوله: "إلى نفسها"، ولو كَانَ المراد التزويج لصرح به، والصبر عن الموصوفة بما ذُكر منْ أكمل المراتب؛ لكثرة الرغبة فِي مثلها، وعسر تحصيلها, لاسيما وَقَدْ أغنت منْ مشاق التوصل إليها بمراودة ونحوها. قاله فِي "الفتح".

وَقَالَ النوويّ: ومعنى قوله: "دعته": أي دعته إلى الزنا بها، هَذَا هو الصواب فِي معناه، وذكر القاضي فيه احتمالين: أصحّهما هَذَا والثاني: أنه يحتمل أنها دعته لنكاحها، فخاف العجز عن القيام بحقّها، أو أن الخوف منْ الله تعالى شغله عن لذّات الدنيا، وشهواتها. انتهى "شرح مسلم" ٧/ ١٢٢ "كتاب الزكاة".

(فَقَالَ: إِنَّي أَخَافُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ) زاد فِي رواية كريمة للبخاريّ: "فَقَالَ: إني أخاف الله رب العالمين" والظاهر أنه يقول ذلك بلسانه، إما ليزجرها عن الفاحشة، أو ليعتذر إليها، ويحتمل أن يقوله بقلبه. قَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: وقول المدعوّ فِي مثل هَذَا: "إني أخاف الله"، وامتناعه لذلك دليلٌ عَلَى عظيم معرفته بالله تعالى، وشدّة خوفه منْ عقابه، ومتين تقواه، وحيائه منْ الله تعالى، وهذا هو المقام اليوسفيّ. انتهى "المفهم" ٣/ ٧٦.

(وَ) السابع (رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ) نَكّرها ليشمل كل ما يُتصدق به منْ قليل، وكثير، وظاهره أيضًا يشمل المندوبة والمفروضة، لكن نقل النوويّ عن العلماء، أن إظهار