يرائى بصدقته، فلا يكتبها كاتب الشمال. وحكى القرطبيّ عن بعض مشايخه أن معناه أن يتصدق عَلَى الضعيف المكتسب فِي صورة الشراء لترويج سلعته أو رفع قيمتها واستحسنه، وفيه نظر، إن كَانَ أراد أن هذه الصورة مراد الْحَدِيث خاصة، وإن أراد أن هَذَا منْ صور الصدقة المخفية فمسلم. والله أعلم. انتهى "فتح" ٢/ ٣٦٦.
[تنبيه]: وقع فِي رواية لمسلم "حتّى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله"، وهو وهم، سيأتي بيانه فِي المسألة الرابعة، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان فضل الإِمام العادل. (ومنها): فضل منْ سلم منْ الذنوب، واشتغل بطاعة ربّه طول عمره. (ومنها): الحثّ عَلَى التحابّ فِي الله عز وجل، وبيان عظيم فضله، وهو منْ المهمّات، فإن الحبّ فِي الله، والبغض فِي الله منْ الإيمان, وهو بحمد الله تعالى كثير، يوفّق له أكثر النَّاس، أو منْ وُفّق له. قاله النوويّ. (ومنها): فضل صدقة السرّ، قَالَ الله عز وجل:{وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٧١]. (ومنها): فضيلة البكاء منْ خشية الله سبحانه وتعالى، وفضل طاعة السرّ؛ لكمال الإخلاص فيها. (ومنها): فضيلة ملازمة المسجد للصلاة فيها مع الجماعة؛ لأن المسجد بيت الله، وحقيق عَلَى المزور أن يكرم زائره، فكيف بأكرم الأكرمين. (ومنها): فضيلة الخوف منْ الله سبحانه وتعالى، قَالَ الله عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٤٠ - ٤١]، وَقَالَ عز وجل:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: ٤٦]. (ومنها): فضيلة ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الخلوات، مع فيضان الدمع منْ عينيه، فقد أخرج أحمد، والترمذيّ، والنسائيّ، والحاكم بإسناد صحيح، منْ حديث