مجرى الْمَثَل: الحرصُ عَلَى الأمانة، دليلُ الخيانة. انتهى "المفهم" ٤/ ١٧.
وقوله: "إنا لا نستعين فِي عملنا بمن سألنا" هَذَا محلّ الترجمة، فإنه صريح فِي عدم تولية منْ حرص عَلَى القضاء؛ لأن العمل فيه تعبٌ فِي الدنيا، وخوفٌ فِي الآخرة، ولا يرضى به، ولا يطلبه عادةً إلا منْ اتّخذه سببًا لنيل الدنيا، ومثله لا يستحقّ لذلك.
والحديث متّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم فِي "الطهارة" ٤/ ٤ وتقدّم تمام شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٥٣٨٥ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: أَلَا تَسْتَعْمِلْنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلَانًا، قَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ").
رجال هَذَا الإسناد: ستة:
١ - (محمد بن عبد الأعلى) الصنعانيّ البصريّ، ثقة [١٠] ٥/ ٥.
٢ - (خالد) بن الحارث الْهُجَيميّ، أبو عثمان البصريّ، ثقة ثبت [٨] ٤٢/ ٤٧.
٣ - (شعبة) بن الحجاج البصريّ الإمام الحجة الثبت [٧] ٢٤/ ٢٧.
٤ - (قتادة) بن دعامة السدوسي البصريّ، ثقة ثبت يدلّس [٤] ٣٠/ ٣٤.
٥ - (أنس) بن مالك الصحابيّ الشهير رضي الله تعالى عنه ٦/ ٦.
٦ - (أُسيد بن حُضير) بن سِمَاك بن عَتِيك الأنصاريّ الأشهليّ، أبو يحيى الصحابيّ الشهير، مات سنة (٢٠) أو (٢١) تقدّم فِي ٩٦/ ٤٦٨١. والله تعالى أعلم.
لطائف هَذَا الإسناد:
(منها): أنه منْ سداسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بثقات البصريين. (ومنها): أن فيه رواية صحابيّ عن صحابيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة السدوسيّ، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا) أي ابن مالك -رضي الله عنه- (يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ) -بتصغير الاسمين- رضي الله تعالى عنه، زاد مسلم: "وَقَدْ رواه يحيى بن سعيد، وهشام بن زيد، عن أنس" بدون ذكر أُسيد بن حُضير، لكن باختصار القصّة التي هنا، وذكر كلٌّ منهما قصّة أخرى غير هذه، ووقع لهذا الْحَدِيث