{وَهَبْ لِي مُلْكًا}[ص: ٣٥]، قَالَ: ويحتمل أن يكون فِي غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. قاله فِي "الفتح" ١٥/ ١٩ - ٢٠. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث عبد الرحمن بن سَمُرة -رضي الله عنه- هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان النهي عن مسألة الإمارة. (ومنها): أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه، فيدخل فِي الامارة القضاء، والحسبة، ونحو ذلك، وأن منْ حَرَص عَلَى ذلك لا يعان. (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: ظاهر قوله: "لا تسأل الإمارة" التحريم، وعلى هَذَا يدلّ قوله:"إنا والله لا نولّي عَلَى هَذَا العمل أحداً يسأله, أو حرص عليه"، وسببه أن سؤالها، والحرص عليها مع العلم بكثرة آفاتها، وصُعوبة التخلّص منها دليلٌ عَلَى أنه يطلبها لنفسه، ولأغراضه، ومن كَانَ هكذا أوشك أن تغلب عليه نفسه، فيهلك، وهذا معنى قوله:"وُكل إليها"، ومن أباها؛ لعلمه بآفاتها, ولخوفه منْ التقصير فِي حقوقها، وفرّ منها، ثم ابتلي بها، فيُرجَى له ألا تغلب عليه نفسه؛ للخوف الغالب عليه، فيتخلّص منْ آفاتها، وهذا معنى قوله:"أُعين عليها"، وهذا كلّه محمول عَلَى ما إذا كَانَ هناك جماعة ممن يقوم بها، ويَصلح لها، فأما لو لم يكن هناك ممن يصلح لها إلا واحد لتعيّن ذلك عليه، ووجب أن يتولّاها، ويسأل ذلك، ويُخبر بصفاته التي يستحقّ بها منْ العلم، والكفاية، وغير ذلك، كما قَالَ يوسف -عليه السلام-: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف: ٥٥]. انتهى "المفهم" ٤/ ١٦. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.