للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

موصولة مفعول ثان عَلَى الوجه الأول، وهو المفعول به عَلَى الوجه الثاني (فَمَنْ عَرَضَ) بفتح الراء، منْ باب ضرب: أي ظهر (لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ) أي بالحكم المنصوص عليه فِي كتاب الله عز وجل، أو المستنبط منه (فَإِنْ جَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ) لا نصًّا, ولا استنباطًا (فَلْيَقْضِ بِما قَضَى بِهِ نَبِيُّهُ -صلى الله عليه وسلم-) فِي سنته القوليّة، أو الفعليّة، أو التقريريّة (فَإِنْ جَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ، وَلَا قَضَى بِهِ نَبِيُّهُ -صلى الله عليه وسلم-) لا نصًّا، ولا استنباطًا (فَلْيَقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ) أي منْ الصحابة، والتابعين لهم بإحسان (فَإِنْ جَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ، وَلَا قَضَى بِهِ نَبِيُّهُ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَا قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ، فَلْيَجْتَهِدْ رَأْيَهُ) أي إن كَانَ أهلاً للاجتهاد، فليبذُل جهده حَتَّى يعلم باجتهاده حكم المسألة. قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: هَذَا الْحَدِيث دليلٌ عَلَى جواز الاجتهاد، نعم إنه موقوفٌ، لكنه فِي حكم الرفع عَلَى مقتضى القواعد، بقي أنه يدلّ عَلَى تقديم التقليد بالسلف الصالحين، كالخلفاء الأربعة عَلَى الرأي والقياس، فليُتأمّل، وكأنه لهذا حمله المصنّف عَلَى صورة الاتفاق؛ ليكون إجماعًا. والله تعالى أعلم. انتهى "شرح السنديّ" ٨/ ٢٣٠.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله السنديّ رحمه الله تعالى أخيرًا منْ أن المراد بقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "بما قضى به الصالحون" الاتّفاق هو الصواب، والحاصل أنه يجتهد فِي محلّ لا يكون فيه نصٌّ، منْ الكتاب، أو السنّة، ولا إجماعٌ. والله تعالى أعلم.

(وَلَا يَقُولُ: إِنِّي أَخَافُ وَإِنِّي أَخَافُ) أي لا يتعلّل، ولا يتكاسل عن الوصول باجتهاده إلى معرفة الحكم فِي المسألة (فَإِنَّ الْحَلَالَ بَيَّنٌ، وَالْحَرَامَ بَيَّنٌ) الفاء للتعليل: أي لأن الحلال واضح لا لبس فيه، فهو ما أحلّه الله عزّ وجلّ فِي كتابه، أو النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سنته، وكذلك الحرام، فإنه واضح أيضًا؛ لأنه الذي أحلّه الله عزّ وجلّ فِي كتابه، أو النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سنته (وَبَيْنَ ذَلِكَ) أي بين ما ذُكر منْ الحلال والحرام، فاسم الإشارة يعود إلى الحلال والحرام باعتبار ما ذُكر (أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ) أي تشتبه عَلَى الناظر إليها، حيث إن لها شبها بالحلال، وشبهًا بالحرام (فَدَعْ) أي اترُك (مَا يَرِيبُكَ) بفتح أوله، وكسر ثانيه، منْ الريب، أو بضمّ أوله، منْ الإرابة، قَالَ ابن الأثير رحمه الله تعالى: قد تكرّر فِي الْحَدِيث ذكر "الرَّيْبِ"، وهو بمعنى الشّكّ، وقيل: هو الشكّ مع التهمة، يقال: رابني الشيءُ، وأرابني: بمعنى شكّكني، وقيل: أرابني فِي كذا: أي شكّكني، وأوهمني الرِّيبة فيه، فإذا استيقنته، قلت: رابني بغير ألف، وفي الْحَدِيث: "دع ما يُريبك إلى ما لا يريبك، يُروى بفتح الياء، وضمّها: أي دع ما تشُكّ فيه إلى ما لا تشكّ فيه. انتهى "النهاية" ٢/ ٢٨٦. و"الريبة" بالكسر: الشكّ، وجمعها رِيبٌ بكسر، ففتح، مثلُ سِدْرة