(منها): أنه منْ سداسيات المصنّف رحمه الله تعالى. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه منْ أفراده. (ومنها): أن نصفه الأول مسلسل بالشاميين، والثاني بالمدنيين. (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ. وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه- أحفظ منْ رَوَى الْحَدِيث فِي دهره. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
عن شعيب بن أبي حمزة أنه (قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذكوان (مِمَّا حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجُ)"منْ" يحتمل أن تكون ابتدائيّة، أو تبعيضيّة: أي بعض ما حدّثه، أو للمصاحبة (مِمَّا ذَكَرَ) عبد الرحمن (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (يُحَدِّثُ بِهِ) أي بما ذكر (عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ) أي أبو هريرة -رضي الله عنه- (وَقَالَ) أي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ) قَالَ الحافظ: لم أقف عَلَى اسم واحدة منْ هاتين المرأتين، ولا عَلَى اسم واحد منْ ابنيهما فِي شيء منْ الطرق (مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا) وفي رواية ابن عجلان، عن أبي الزناد الآتية:"خرجت امرأتان، معهما صبيّان لهما"، وفي رواية مسكين بن بُكير، عن شعيب:"خرجت امرأتان، معهما ولداهما"(جَاءَ الذِّئْبُ) قَالَ فِي "القاموس": الذئب -بالكسر-، وُيترك همزه: كلب البرّ، جمعه أذؤبٌ، وذِئابٌ، وذُؤبان بالضم، وهي بهاء. انتهى. وَقَالَ فِي "المصباح": "الذئب": يُهمَز، ولا يُهمز، ويقع عَلَى الذكر والأنثى، وربّما دخلت الهاء فِي الأنثى، فقيل: ذئبة، وجمع القلّة أَذْؤُبٌ، مثلُ فلس وأفلُس، وجمع الكثرة ذِئابٌ، وذُؤبان، ويجوز التخفيف، فيقال: ذياب بالياء؛ لوجود الكسرة. انتهى (فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا) وفي رواية ابن عجلان: "فعدا الذئب عَلَى إحداهما، فأخذ ولدها"(فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا) أي قالت إحدى المرأتين لصاحبتها (إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتَا) وفي رواية ابن عجلان: "فأصبحتا تختصمان فِي الصبيّ الباقي"(إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام) وفي رواية مسكين، عن شعيب:"فاختصما إلى داود النبيّ -صلى الله عليه وسلم-"(فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى) قيل: كَانَ ذلك عَلَى سبيل الفتيا منهما لا الحكم، ولذلك ساغ لسليمان -عليه السلام- أن ينقضه. وتعقبه القرطبيّ بأن فِي لفظ الْحَدِيث: أنه قضى بأنهما تحاكما، وبأن فتيا النبيّ وحكمه سواء، فِي وجوب تنفيذ ذلك. وَقَالَ الداودي: إنما كَانَ منهما عَلَى سبيل المشاورة، فوضح لداود صحة رأي سليمان فأمضاه. قَالَ ابن الجوزي: استويا عند داود -عليه السلام- فِي اليد، فقدّم الكبرى للسنّ.
وتعقّبه القرطبيّ، وحَكَى أنه قيل: كَانَ منْ شرع داود -عليه السلام- أن يحكم للكبرى، قَالَ: وهو فاسد؛ لأن الكبر والصغر وصف طردي، كالطول والقصر، والسواد والبياض، ولا